واعلم أنه قد يغني ما أضيف إليه المبتدأ عن المعطوف فيطابقهما الخبر ، كما يقال : راكب الناقة طليحان ، وقولك : مقاتل زيد قويان ، أي زيد ومن يقاومه زيد : قويان.
قوله : «لعمرك لأفعلن» ، ضابطه ، كل مبتدأ في الجملة القسمية متعين للقسم ، نحو : لعمرك ، وأيمن الله. كما يجيء في باب القسم ، فإن تعيّنه للقسم دال على تعين الخبر المحذوف ، أي : لعمرك ما أقسم به ، وجواب القسم ساد مسدّ الخبر المحذوف ، والعمر والعمر بمعنى ولا يستعمل مع اللام إلا المفتوحة ، لأن القسم موضع التخفيف لكثرة استعماله.
وقد يستعمل لعمرك في قسم السؤال أيضا ، نحو لعمرك لتفعلنّ.
وقد ترك المصنف قسما آخر مما يجب فيه حذف الخبر ، وهو إذا كان الخبر ظرفا متعلقا بالمتعلّق العام نحو : زيد قدامك أو في الدار على ما ذكرنا قبل.
وتجويز ابن جني إظهار ذلك المتعلّق ، ليس بوجه ، لأن الأمرين : أي الدلالة على تعيّن الخبر والسدّ بشيء آخر مسدّه حاصلان فوجب الحذف.
ولعل المصنف إنما ترك ذكره لكون هذا الساد مسدّ الخبر مرفوع المحل بكونه خبرا دون سائر ما تقدم مما سدّ مسدّ الخبر.
ثم اعلم أن الأغلب في الاستعمال تعريف المبتدأ لأن الأصل كون المسند إليه معلوما ، وكذا الأصل تنكير الخبر ، لأنه مسند ، فشابه الفعل ، والفعل خال من التعريف والتنكير ، كما ذكرنا في أول الكتاب ولا يصح تجريد الاسم عنهما فجردناه مما يطرأ ويحتاج إلى العلامة وهو التعريف ، وأبقيناه على الأصل فكان نكرة.
وإنما كان الأصل في الإسناد. الفعل دون الاسم لأن الاسم يصلح لكونه مسندا ومسندا إليه ، والفعل مختص بكونه مسندا لا غير ، فصار الإسناد لازما له دون الاسم.
وأما قول النحاة أصل الخبر التنكير لأن المسند ينبغي أن يكون مجهولا فليس بشيء ، لأن المسند ينبغي أن يكون معلوما كالمسند إليه.