وإنما الذي ينبغي أن يكون مجهولا هو انتسب ذلك المسند إلى المسند إليه فالمجهول في قولك : زيد أخوك هو انتساب أخوّة المخاطب إلى زيد ، وإسناده إليه ، لا أخوّته.
وإذ تعددت المبتدآت ، نحو : زيد أبوه ، أخوه ، عمه خاله ، ابنه ، بنته ، صهرها.
جاريته ، سيدها ، صديقه ، قادم.
فالمبتدأ الأخير مع خبره خبر عما قبله بلا فصل ، فصديقه قادم ، خبر عن سيدها ، وهكذا إلى المبتدأ الأول ، فتكون الجملة التي بعد الأول ، وهي مركبة من جمل خبرا عن الأول ، ويضاف كل واحد من المبتدآت إلى ضمير متلوه إلا المبتدأ الأول.
وإن لم تضف المبتدآت ، كل واحد منها إلى ضمير ما قبله ، فإنك تأتي بالعوائد بعد خبر المبتدأ الأخير ، فيكون آخر العوائد لأول المبتدآت وما قبل الآخر لما بعد أول المبتدآت وهكذا على الترتيب.
وذلك نحو : هند ، زيد ، عمرو ، بكر ، خالد قائم عنده في داره بأمره معها ، فكأنك قلت : بكر خالد قائم عنده ومعناه بكر مع خالد ، ثم جعلت هذه الجملة أي بكر مع خالد ، خبرا عن عمرو ، مع رابطة في داره ، فكأنك قلت : عمرو بكر مع خالد في داره ، أي عمرو داره مشتملة على بكر وخالد ، ثم تجعل هذه الجملة خبرا عن زيد مع رابطة بأمره ، فكأنك قلت : زيد عمرو داره مشتملة على بكر وخالد بأمره ، أي بأمر زيد ، أي زيد أمر عمرا بجمع خالد وبكر ، ثم تجعل هذه الجملة خبرا عن هند مع رابطة معها ، فكأنك قلت : هند زيد أمر عمرا بجمع بكر وخالد معها.
وعلى هذا القياس إن كانت المبتدآت أكثر. (١)
__________________
(١) دلّ الشارح بهذا على مقدرة فائقة وبراعة عظيمة في تطبيق قواعد النحو. وما أجدر مثل هذه الفروض أن يدخل في باب كباب الاخبار بالذي والألف واللام الذي وضعوه للتدريب والتمرين.