يكون هزلا ، فيكون مؤكدا للجملة لا للمفرد.
قلت : عدم القضاء هو المحتمل للجد والهزل سواء أسندته إلى المخاطبين أو غيرهما ، ويعارض بنحو : زيد رجع القهقرى ، فإن القهقرى في هذا المثال بيان لرجوع زيد لا للرجوع المطلق ، فثبت أن جدّكما مبيّن لمضمون المفرد ، ونحن إنما جعلنا المصدر مؤكدا لغيره إذا أكد مضمون القول الذي هو مضمون الجملة لكونها مقولة.
ولا يجوز أن يقدّر : أجد كما أقول لا تقضيان ، كما قدرنا في بيت أبي طالب : أقول اتبعناه على كل حالة جدا ، لفساد المعنى ، فنصب أجدّك ، إذن ، بطرح الباء ، والمعنى : أبجدّ منك ، كما قال الأصمعي (١) ،.
ومثله قوله :
أحقا بني أبناء سلمى بن جندل |
|
تهددكم إياي وسط المجالس (٢) ـ ٦٤ |
أي أفي حق ، ومعنى حقا ، وجدّا ، متقاربان.
أو نقول : انتصابه على الحال ، كما في فعلته جهدك على الخلاف الذي يجيء فيه.
والفاعل في أجدّكما ، الفعل (٣) الذي بعده إذا لم يكن مصدرا بما ، لأن لها صدر الكلام ، ويجوز أن يقال : هو بتقدير : أتجدّان جدّا ، ثم بيّن ما يسأل عن الجدّ فيه وهو : لا تقضيان ، فيكون ، إذن ، مما يجب حذف فعله بضابط إضافته إلى الفاعل.
فقد تبيّن لك بما قدمنا أن جميع المصادر المؤكدة لغيرها ، ينبغي أن تكون مدلولة الجملة
__________________
(١) الإمام عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع .. أوصل السيوطي نسبه إلى عدنان ، أحد أئمة اللغة السابقين. عاصر سيبويه ، وتناظرا ، وأخذ عن أبي عمرو بن العلاء وغيره. توفي سنة ٢٥٦ ه.
(٢) تقدم ذكر هذا الشاهد في صفحة ٢٤٧ من هذا الجزء.
(٣) قال البغدادي نقلا عن أبي حيّان : إنّ ، لا تفعل ، أي الفعل المنفي بعد أجدك ، عند أبي علي ـ أي الفارسي ـ حال أو على اضمار «ان» وارتفع الفعل. فيمكن أن يكون قول الشارح الرضى أن الفاعل هو الفعل الذي بعده مرادا به هذا.