بمضمونهما معا ، ولذا قلّ حذف أحدهما من دون الآخر ، مع أنهما في الأصل مبتدأ وخبر ، لأنك لو حذفت أحدهما لكنت كالحاذف بعض الكلمة.
وباب كسوت وأعطيت ، متعد إلى مفعولين حقيقة ، لكن أولهما مفعول هذا الفعل الظاهر ، إذ زيد في قولك : كسوت زيدا جبة وأعطيت زيدا جبة : مكسوّ ومعطى ، وثانيهما مفعول مطاوع هذا الفعل ، إذ الجبة مكتساة ومعطوّة أي مأخوذة ، وكذا نحو.
أحفرت زيدا النهر ، «زيدا» محفر والنهر محفور ، فالمعنى : حملت زيدا على أن يكتسي الجبة ويعطوها (١) ويحفر النهر ، وليس انتصاب الثاني في مثله بالمطاوع المقدر كما قال بعضهم ، أي أحفرته فحفر النهر ، لأنك تقول : أحفرته النهر فلم يحفره ، بل انتصاب المفعولين بالفعل الظاهر لأنه متضمن لمعنى الحمل على ذلك الفعل المطاوع ، أي حملته على أن يحفر النهر كما مر.
وباب أعلمتك زيدا قائما ، في الحقيقة متعد إلى مفعولين فإن المعلم هو المخاطب وقيام زيد هو المعلوم ، كما قلنا في كسوت وأعطيت ، فنصب الثاني والثالث ، لكونهما معا متضمنين لمفعوله الثاني ، كما قلنا في علمت.
وقولهم : المفعول به : الضمير يرجع إلى الألف واللام ، أي الذي يفعل به فعل ، أي يعامل بالفعل ويوقع عليه ، يقال فعلت به فعلا ، قال تعالى : (وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ)(٢) ، وكذا الضمير في المفعول فيه ، وله ، ومعه.
وأما ناصب المفعول ، فالفعل عند البصريين أو شبهه ، بناء على أنه به يتقوّم المعنى المقتضي للرفع ، أي الفاعلية ، أو المعنى المقتضى للنصب أي المفعولية.
وقال الفراء هو الفعل والفاعل ، وقال هشام بن معاوية من الكوفيين هو الفاعل ، وقد
__________________
(١) أي يتناولها.
(٢) الآية ٩ من سورة الأحقاف.