«لا» باشرت الوصف ، وذلك لأن معنى لا رجل ظريف فيها ؛ لا ظرافة في الرجال الذين فيها ، فالمنفي مضمون الصفة ، فهي لنفي الظرفاء لا لنفي الرجال ، فكأنه قيل : لا ظريف فيها ، بخلاف : يا زيد الظريف ، فإن المنادى لفظا ومعنى هو المتبوع ، فبان الفرق ، على أنه أورد الأخفش في «مسائله» (١) الكبير : إن بعضهم يقول في الوصف وعطف البيان نحو : يا زيد الطويل ، ويا عالم زيد إنهما مبنيان على الضم كما في البدل ، وقد قدّمنا أن عطف البيان هو البدل.
قوله : «والخليل في المعطوف يختار الرفع» ، أي في المنسوق ذي اللام وإنما اختار الرفع مع نجويز النصب ، نظرا إلى المعنى ، لأنه منادى مستقل معنى ، وإن لم يصح مباشرة حرف النداء له ، فالرفع أولى ، تنبيها على استقلاله معنى ، كما في يا أيها الرجل.
وأبو عمرو بن العلاء يختار النصب لأنه ، لأجل اللام ، يمتنع وقوعه موقع المتبوع ، فاستبعد أن تجعل حركته كحركة ما باشره الحرف ؛ وكان الوجه أن ينظر إلى كونه تابعا ، والوجه في التوابع أن تتبع متبوعاتها في الإعراب لا في البناء.
ويلزم الخليل وأبا عمرو ، نظرا إلى العلتين المذكورتين ، اختيار الرفع أو النصب في التابع المذكور مع كون المتبوع غير المضموم.
قوله : «وأبو العباس ، إن كان كالحسن فكالخليل» ، أي المبرد يوافق الخليل في اختيار الرفع إذا كان ذو اللام مثل الحسن في عروض اللام ، وجواز حذفها ، فكأنه ، إذن مجرد عن اللام ؛ ويوافق أبا عمرو في اختيار النصب مع لزوم اللام ، كما في الصعق ، لامتناع مباشرة حرف النداء له مطلقا ، فكيف يضم؟.
__________________
(١) كتاب المسائل الكبير ، أحد مؤلفات الأخفش ، وله الأوسط ، والمسائل الصغير.