صار مع صفته كالوصف للأول ، فعلى هذا يكون رفع زيد الثاني ونصبه مع الوصف أكثر منهما لو لم يوصف ، لصيرورته مع الوصف كالوصف الأول ، كما يجيء في قولهم : لا ماء ماء باردا.
ثم اعلم أنه جاز الرفع في المفرد حملا على اللفظ ، ولم يجز في المضاف عند غير ابن الأنباري ، لأن النصب في توابع المنادى المضموم ، كان هو القياس ، لأن التوابع الخمسة إنما وضعت تابعة للمعرب في إعرابه ، لا للمبني في بنائه ، ألا ترى أنك لا تقول : جاءني هؤلاء الكرام بجر الصفة. حملا على اللفظ ، بل يجب رفعها على المحل ؛ لكن لما كانت الضمة التي هي الحركة البنائية تحدث في المنادى بحدوث حرف النداء وتزول بزواله ، صارت كالرفع وصار حرف النداء كالعامل لها ، وكذلك فتحة : لا رجل ، فلمشابهة الضمة للرفعة (١) جاز أن ترفع التوابع المفردة ، لأنها كالتابعة للمرفوع ، وقلّل شيئا من استنكار تبعية حركة الإعراب لحركة البناء التي هي خلاف الأصل كون (٢) الرفع غير بعيد في هذا التابع المفرد ، لأنه لو كان منادى لتحرك بشبه الرفع أي الضم ، بخلاف التابع المضاف إذ المنادى المضاف واجب النصب.
وأما ابن الأنباري فلم ينظر إلى تصور وقوعها موقع المنادى ، بل نظر إلى مشابهة متبوعها للمرفوع ، وتابع المرفوع مرفوع ، سواء كان مضافا أو مفردا ، وليس ببعيد في القياس ، لكنه لم يثبت.
فإن قيل : فلم لم يجز بناء التوابع المفردة ولا سيما الوصف منها كما جاز في : لا رجل ظريف ، فكنت تقول : يا زيد الظريف ، واللام لا تمنع البناء ، كما لم تمنع في : الخمسة عشر.
قلت : إنما جاز ذلك في «لا» لأن المنفى في الحقيقة هو الوصف ، لا الموصوف ، فكأن
__________________
(١) الرفعة تعبير مستحدث من الرضى. وقد شاكل به كلمة الضمة.
(٢) فاعل : قلّل شيئا من استنكار ...