ولو لم ينظر في الكلمات إلى حال تركيبها لم يطرد وضعه للكلم التي ليس فيها حال التركيب علة البناء على ثلاثة أحرف فما زاد ، بل جاز وضعها على حرف أو حرفين ، كما وضع ياء الضمير وكافه ، ونحو «ما» و «من» ؛ هذا ، وعلى كل حال ، فلا شك أن إسكان ياء المتكلم أكثر استعمالا إذا لم يلزم اجتماع الساكنين ، وذلك لعدم الاحتياج. إذن ، إلى حركتها ، لوقوعها أبدا بعد كلمة أخرى فلا يبتدأ بها مع كونها حرف علة ، وهذان أعني الفتح والسكون ، مطردان في غير النداء أيضا ، نحو : جاءني غلامي ، وأما : يا غلام بحذف الياء في النداء فلأن النداء موضع تخفيف ، ألا ترى إلى الترخيم وذلك لأن المقصود غيره فيقصد الفراغ من النداء بسرعة ، ليتخلص إلى المقصود من الكلام ، فخفف يا غلامي بوجهين : حذف الياء وإبقاء الكسرة دليلا عليها ، وقلب الياء ألفا ، لأن الألف والفتحة أخف من الياء والكسرة ؛ وهذان الوجهان لا يكونان في كل منادى مضاف إلى ياء المتكلم ، بل في الاسم الذي غلب عليه الإضافة إلى الياء واشتهر بها لتدل الشهرة على الياء المغيّرة بالحذف أو القلب فلا تقول : يا عدوّ ، ويا عدوّا.
وقد جاء شاذا في المنادى : يا غلام ويا أب ، اجتزاء بالفتح عن الألف ، وأما فتح : يا بنيّ وأصله : يا بنيّا فليس بشاذ كما شذ يا غلام ، لاجتماع الياءين.
وقد يضم في النداء ما قبل الياء المحذوفة ، وذلك في الاسم الغالب عليه الإضافة إلى الياء ، للعلم بالمراد منه ، ومنه القراءة الشاذة : (رَبِّ احْكُمْ)(١) ، وربما ورد في الندرة : الحذف والقلب في غير النداء ، لكن الحذف في الفواصل والقوافي ليس بنادر طلبا للازدواج
قوله : «وبالهاء وقفا» ، إذا وقفت على : يا غلاما ، فبالهاء لبيان الألف ، كما يجيء في الوقف ، وإذا وقفت على : يا غلامي بسكون الياء وصلا ، فالوقف عليها بالسكون أجود ، ويجوز حذفها ، وإسكان ما قبلها ، كما تقف على ما حذف ياؤه وصلا ، وذلك على مذهب من وقف على القاضي باسكان الضاد ، كما يجيء في الوقف.
__________________
(١) الآية ١١٢ من سورة الأنبياء.