فيما مضى من الزمان ، بل لكل ماض في الزمان أو في المكان ، نحو : مضى في الأرض ، وكذا المستقبل والحال.
والأولى أن يقال : الفعل ما دل على معنى في نفسه مقترن بزمان من حيث الوزن ، حتى لا يرد مثل هذا من الأصل ، ولا يرد ، أيضا ، مثل الصبّوح والغبوق والسرى ، ولا الاسم الموضوع دالا بتركيبه على أحد الأزمنة الثلاثة ، كالغبور ، مثلا ، بمعنى كون الشيء في الماضي ، أو في المستقبل ، فان دلالته على أحد الأزمنة الثلاثة بالحروف المرتبة لا بالوزن ، ومن ثمة تبقى هذه الدلالة مع تغير الوزن كالغابر ، وغبر يغبر ؛ والحق أنه بمعنى الماضي ، أو البقاء في المكان أو الزمان ، قال الله تعالى : (كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ)(١).
وإنما لم يفسر قوله : الأزمنة الثلاثة لشهرتها في الماضي والمستقبل والحال ؛ والحق أن مثل هذا الإهمال لا يحسن في الحدود ، وكذا لفظ الاقتران مهمل غير ظاهر فيما ذكرنا من تفسيره ، ولا يورد في الحدود إلا الألفاظ الصريحة المشهورة في المعنى المقصود بها.
إن قيل : إن ضمير الغائب ، والأسماء الموصولة ، وكاف التشبيه الاسمية وكم الخبرية ، وأسماء الشرط ، وأسماء الاستفهام ، خارجة عن حد الاسم بقوله «في نفسه».
فالجواب : أن الضمير المذكور والأسماء الموصولة ، وإن احتاجا ضرورة إلى لفظ آخر ، لكن لا ليفيدا معناهما الذي هو الشيء المبهم ويحدثاه في ذلك اللفظ ، فإن لفظة «الذي» مثلا ، تفيد معناها الذي هو الشيء المبهم في نفسها لا في صلتها ، وإنما تحتاج إلى صلتها لكشف ذلك الابهام ورفعه منها ، لا لإثبات ذلك الابهام في الصلة.
وكذا ضمير الغائب ؛ فهما مبهمان ، لكن اشترط فيهما من حيث الوضع أنه لا بدّ لهما من معيّن مخصّص ، فلذا عدّا من المعارف.
وكذا اسم الإشارة ، إلا أنه كثيرا ما يكتفي بقرينة غير لفظية للتخصيص ؛ وأما الكاف
__________________
(١) الآية ٨٣ من سورة الأعراف.