في مذهب البصريين أيضا.
واختار البصريون كون المنصوب معمولا لفعل مقدر يفسره ما بعده قياسا على المرفوع في : (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ)(١) ، مع أنه قد ذهب شاذّ منهم (٢) إلى أن المرفوع في مثله مبتدأ لا فاعل كما تقدم في باب الفاعل.
ولا يجوز للكوفي أن يرتكب أن ارتفاع «امرؤ» ، بهلك المؤخر ، كما ارتكب في هذا الباب أن انتصاب الاسم بهذا المتأخر ، لأن الفعل ، باتفاق (٣) من جميع النحاة ، لا يرفع ما قبله.
قوله : «كل اسم بعده فعل» ، احتراز عن نحو «زيد أبوك» ولا يريد بقوله بعده أن يليه الفعل متصلا به ، بل أن يكون الفعل أو شبهه جزء الكلام الذي بعده ، نحو : زيدا عمرو ضربه ، وزيدا أنت ضاربه ،.
قوله : «أو شبهه» ، ليشمل نحو : زيدا أنا ضاربه ، أو أنا محبوس عليه ، ويعني بشبه الفعل اسمي الفاعل والمفعول ، أما المصدر فلا يكون مفسّرا في هذا الباب لأن ما لا ينصب بنفسه لو سلط ، لا يفسّر كما يجيء ، ومنصوب المصدر لا يتقدم عليه ، وكذا الصفة المشبهة ، لا تنصب ما قبلها ، وشبه الفعل إنما يفسّر إذا لم يصدّر الاسم بحرف لازم للفعل ، أما إذا كان مصدّرا به فلا يكون المفسّر إلا فعلا سواء فسّر الرافع أو الناصب ، نحو إن زيد قام ، وإن زيدا ضربته.
ولا بدّ لشبه الفعل مما يعتمد عليه ، إما قبل الاسم المحدود ، نحو : زيد هندا ضاربها
__________________
(١) الآية ١٧٦ من سورة النساء.
(٢) أي من النحاة.
(٣) دعوى أن ذلك محل اتفاق من جميع النحاة غير مسلمة حتى ان أراد نحاة البصرة لأن منهم من يجوز ذلك في الضرورة ، والكوفيون يجوزون مطلقا. وقد أشار إلى ذلك السيد الجرجاني في تعليقاته. واكتفى بأن قال : فيه نظر.