وقد تقرر أنه لا يجوز نصب الاسم المذكور إلا إذا اشتغل الفعل عنه بمنصوب.
وهذا الذي ذكره (١) ، قياس بارد ، والوجه جواز نصبه لكون الفعل مشتغلا عنه بمنصوب محلا ، بلى ، ما بعد إذا المفاجأة واجب الرفع في نحو : خرجت فإذا زيد يضربه عمرو ، كما يجيء.
ثم اعلم أن المصنف بدأ بما يختار رفعه ، لأن الرفع هو الأصل لعدم احتياجه إلى حذف عامل ، فقال : يختار الرفع بالابتداء ، فبيّن بقوله بالابتداء عامل الرفع في جميع ما يجوز رفعه في هذا الباب حتى لا يظن أن رافعه فعل ، كما أن ناصبه إذا نصبت ، فعل.
قوله : «عند عدم قرينة خلافه» ، الضمير في خلافه للرفع ، وخلاف الرفع ههنا : النصب لأن هذا الاسم المذكور ، إمّا أن يرفع بالابتداء ، أو ينصب بفعل مقدر ، أما الجرّ فلا يدخله ، لأنه لا يكون إلا بجارّ ، وكلامنا في اسم ينتصب لفظا بما بعده لو سلط عليه (٢).
والمعنى : يختار رفع هذا الاسم المذكور عند عدم قرائن النصب الموجبة له والقرائن التي يختار معها النصب ، والتي يتساوى معها الأمران ، على ما يجيء شرحها ، ومثال ذلك زيد ضربته ، ولا يريد مطلق قرينة النصب لأن المفسّر قرينة النصب (٣) ، ومع عدمه ليس الاسم مما نحن فيه ، بل يريد قرائن النصب التي سنذكرها على ما أشرنا إليه.
وإنما اختير الرفع على النصب مع ذلك التقدير ، لاحتياج النصب إلى حذف الفعل واضماره ، والأصل عدمهما ، بخلاف الرفع فإنه بعامل معنوي عندهم لم يظهر قط في اللفظ حتى يقال حذف وأضمر ، وعلى ما اخترنا (٤) في رفع المبتدأ ، نقول : إنما اختير
__________________
(١) أي الذي ذكره ابن كيسان.
(٢) أي يكون العامل مقتضيا للنصب مباشرة حتى لا يقال ان المجرور منصوب تقديرا.
(٣) أي انه قرينة عامة على أن الاسم صالح للنصب وإلا لم يكن من باب الاشتغال.
(٤) انظر في باب المبتدأ والخبر ص ٢٢٧ من هذا الجزء.