الرفع على النصب لأنه بعامل ظاهر دون النصب.
قوله : «أو عند وجود أقوى منها» ، أي عند وجود قرينة للرفع هي أقوى من قرينة النصب ، وقرينة الرفع التي تجامع قرينة النصب وتكون أقوى منها ، شيئان فقط ، على ما ذكروا «أمّا» و «إذا» المفاجأة ، أما «أمّا» فتجامع ثلاث قرائن للنصب هي مع إحداها مغلوبة ومع الاخريين غالبة.
أما الأولى ، فالطلب على ما يأتي ، والاخريان : عطف الجملة التي بعدها على فعلية ، وكونها جوابا لجملة استفهامية فعلية.
وأمّا «إذا» فلا تجامع من قرائن النصب إلا واحدة ؛ و «إذا» غالبة عليها ، وتلك القرينة ، كون الجملة المصدّرة بها معطوفة على فعلية ، كما يجيء.
أما «أمّا» فإنما يرجّح الرفع معها على النصب مع القرينتين المذكورتين ، لأن ترجح النصب في مثلهما بغير «أما» إنما كان لمراعاة التناسب بين المعطوف والمعطوف عليه في كونهما فعليتين ، نحو : قام زيد وعمرا أكرمته ، أو لقصد التناسب بين السؤال والجواب في كونهما فعليتين ، نحو : زيدا أكرمته في جواب من قال : أيّهم أكرمت ، فإذا صدّرت الجملتان بأمّا ، نحو : قام زيد ، وأما عمرو فقد أكرمته ، وأما زيد فقد أعطيته دينارا في جواب : أيهم أعطيت ، فإن «أما» من الحروف التي يبتدأ بعدها الكلام ويستأنف ، ولا ينظر معها إلى ما قبلها فلم يمكن قصد التناسب معها ، لكون وضعها لضدّ مناسبة ما بعدها لما قبلها ، أعني الاستئناف ، فرجعت بسببها الجملة إلى ما كانت في الأصل عليه ، وهو اختيار الرفع للسلامة من الحذف والتقدير ، فأمّا ، في الحقيقة ليست مقتضية للرفع ، لأن وقوع الاسمية ، والفعلية بعدها على السواء ، نحو قوله تعالى : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ ، وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ)(١) لكن عملها في الصورتين ، أنها منعت مقتضى النصب من التأثير فبقي مقتضى الرفع بحاله ، وهو كون الأصل سلامة الكلام من الحذف والتقدير ؛ وأما «حتى» في نحو قوله :
__________________
(١) الآيتان ٩ ، ١٠ من سورة الضحى.