١٥٢ ـ ألقى الصحيفة كي يخفف رحله |
|
والزاد حتى نعله ألقاها (١) |
فهي وإن كانت يستأنف بعدها الكلام ، إلا أنها ليست متمحضة للاستئناف كأمّا ، ألا ترى أنها لا تقع في أول الكلام كأما ، فلم يكن الرفع بعدها أولى ، فهي كسائر حروف العطف لظهورها في ذلك الباب.
وأما إذا كانت «أمّا» مع الطلب ، وهو الأمر والنهي والدعاء فقط ، لأن سائر (٢) أنواع الطلب نحو زيد هل ضربته وزيد ليتك تضربه ، وألا تضربه ، يجب رفع الاسم معها كما تقدم.
فأما مع الثلاثة (٣) فهي مغلوبة ، نحو : أمّا زيدا فأكرمه ، وأما بكرا فلا تضربه ، وأما عمرا فرحمه الله تعالى.
وإنما صارت مغلوبة ، لأن وقوع هذه الأشياء خبرا للمبتدأ قليل في الاستعمال ، وذلك لأن كون الجملة الطلبية فعلية ، أولى إن أمكن ، لاختصاص الطلب بالفعل ، ألا ترى إلى اقتضاء حروف الطلب للفعل ، كحرف الاستفهام والعرض والتحضيض.
وأما قوله تعالى : (بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ)(٤) ، فلم يمكن جعلها فعلية ، بتغيير إعراب ، كما أمكن ذلك في نحو : زيد اضربه ، وكذا في نحو : هل زيد ضارب ، وزيد هل هل ضربته ، وعمرو ألا تضربه.
__________________
(١) قائله : أبو مروان النحوي يذكر قصة المتلمس وما حدث له مع طرفة حين غضب عليهما عمرو بن المنذر وكتب لهما كتابين إلى عامله بالبحرين أوهمهما أنه طلب منه أن يعطيهما جائزة ، وفي الطريق فتح المتلمس كتابه فوجد فيه انه يأمر عامله بقتلهما فألقى الصحيفة في النهر وهرب ولم يرض طرفة بفتح رسالته وذهب بها إلى عامل الملك بالبحرين فقتله وكان ذلك بسبب هجوهما له. وانظر الشاهد رقم ١٤٨ في ص ٤٣٣ من هذا الجزء. ويقول أبو مروان بعد هذا البيت :
ومضى يظن بريد عمرو خلفه |
|
خوفا وفارق أرضه وقلاها |
(٢) أي بقيتها مثل الاستفهام والتمني وغيرهما.
(٣) أي الأمر والنهي والدعاء.
(٤) الآية ٦٠ من سورة ص.