وأما قول الشاعر :
١٦٠ ـ فإياك إياك المراء فإنه |
|
إلى الشرّ دعّاء وللشر جالب (١) |
فإما لضرورة الشعر ، واما لأنّ اياك اياك ، من باب : الأسد الأسد ، أي المحذّر منه مكرر ، والمراء منصوب باحذر.
وهذا قول سيبويه ، وإما لأن المراء مصدر بمعنى : ان ثماري فحمل في جواز حذف حرف الجر على ما يقدر به ، ومع هذا ، لا يجوز قياس سائرا المصادر عليه ؛ وهذا قول ابن أبي اسحاق (٢) ، ولا يمتنع أن يدّعى أن الواو التي في المحذّر بمعنى «مع».
* * *
الاغراء
وقد ترك المصنف بابا آخر مما يجب اضمار فعله قياسا ، وهو باب الاغراء ، وضابطه : كل مغرّي به مكرر ، أو معطوف عليه بالواو مع معطوفه ، فالمكرر نحو قوله :
١٦١ ـ أخاك أخاك إن من لا أخاله |
|
كساع إلى الهيجا بغير سلاح (٣) |
والذي مع العطف نحو : شأنك والحجّ ، ونفسك وما يعنيها ، والعامل فيهما : الزم ، ونحوه ، وعلة وجوب حذفه : ما تقدم في التحذير ، والخلاف في وجوب حذفه في المكرر هنا مثاله هناك ،.
__________________
(١) هذا من شعر الفضل بن عبد الرحمن القرشي ، يقول مخاطبا ابنه قبل هذا البيت :
من ذا الذي يرجو الأباعد نفعه |
|
إذا هو لم تصلح عليه الأقارب |
فاياك اياك المراء ... |
|
... البيت ... |
(٢) عبد الله بن أبي اسحاق الحضرميّ من رجال الطبقة الثانية من نحاة البصرة ، عاصر عيسى بن عمر الثقفي وأبا عمرو بن العلاء ، وكان كثير التخطئة للفرزدق في شعره حتى هجاه الفرزدق ؛ توفي سنة ١١٧ ه.
(٣) هذا من شعر مسكين الدارمي واسمه ربيعة بن عامر ، قيل انه طلب من معاوية أن يفرض له فلم يفعل فقال ذلك. وبعد البيت :
وان ابن عم المرء فاعلم جناحه |
|
وهل ينهض البازي بغير جناح |