اللام وليست متضمنة لها ، كما تضمنت «أمس» في لغة أهل الحجاز ، أعني البناء (١) ، إذ لو تضمنتها لبنيت بناء «أمس» ، والدليل على كونها معدولة عن اللام : أنّ من قاعدتهم الممهدة أنّ لفظ الجنس لا يطلق على واحد معيّن منه ، إذا لم يكن مضافا ، إلّا معرفا بلام العهد ، سواء كان علما أو ، لا ، كالبيت ، والنجم ، والصعق ، وقوله تعالى : (فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ)(٢) ، بلى ، وجد «سحر» من جملة هذه الأسماء المعينة ممنوعا من الصرف ، فاضطررنا إلى تقدير العلمية فيه بعد العدل عن اللام لتحصيل السببين.
وقال بعضهم (٣) : إنه عند تعيينه ، متضمن للّام فهو عنده مبني كأمس عند الحجازيين ، وعلى كلا القولين فهو مخالف لأخواته المذكورة من : ضحى ، وبكرة ، ومساء ، وصباحا ، ونهارا ، وليلا ، معينة ، فانها منونة اتفاقا ، إلا ما زعم الجوهري (٤) : أن «ضحى» معينا لا يتصرف ، كسحر ، ولا أدري ما صحته.
أما غدوة وبكرة ، فهما ، وإن كانتا معيّنتين مع العلمية ، إلا أن تلك العلمية هي الجنسية ، كما في أسامة ، ونذكر في باب العلم أن علم الجنس في معنى النكرة ، على أن الخليل كما يجيء بعيد ، حكى : آتيك اليوم غدوة وبكرة متوتين ؛ وألحق عبد القاهر (٥) ، عتمة وضحوة معينتين بسحر في منع الصرف لا عن سماع ، والأولى منعه ، إذ لم يسمعا إلا منونتين ، فكل ما ثبت ترك تنوينه من هذه المعينة ، فهو إما لتضمن اللام فيبنى ، كسحر عند بعضهم ، وإما للعلمية المقدرة كسحر عند الجمهور القائلين بمنع صرفه.
__________________
(١) قوله أعني البناء يمكن أن يكون تفسيرا لما يلزم من مشابهتها لأمس لو كانت متضمنة للام من البناء في لغة أهل الحجاز.
(٢) الآية ١٦ من سورة المزمل.
(٣) هذا القائل هو صدر الأفاضل ناصر بن علي المطرزي من علماء القرن السادس كما نقل عنه ابن هشام في أوضح المسالك وتقدم ذكره.
(٤) الجوهري صاحب الصحاح وتقدم ذكره.
(٥) تقدم ذكر الإمام عبد القاهر الجرجاني.