وأما التوسع في ظرف المتعدي إلى ثلاثة فلم يجوّزه إلا الأخفش ؛ قالوا (١) ، لأنه يخرج إلى غير أصل ؛ إذ ليس معنا متعدّ إلى أكثر من ثلاثة.
وجوّزوا في الأفعال الناقصة ، نحو : (٢) يوم الجمعة ليس زيد قائما ؛ هذا ما قالوا ؛ والذي أرى أن جميع الظروف متوسع فيها ، فقولك : خرجت يوم الجمعة كان في الأصل : خرجت في يوم الجمعة ؛ كان يوم الجمعة مع الجار مفعولا به بسبب حرف الجر ، ثم صار مفعولا به من غير واسطة حرف في اللفظ ؛ والمعنى على ما كان عليه.
وكذا المفعول له ، هو أيضا مفعول به ، تعدى إليه الفعل بنفسه ، بعد ما تعدى إليه بحرف الجر.
فهما مثل «ذنبا» في قولك : استغفرت الله ذنبا (٣) ، إلا أن حذف حرفي الجر ، أي : في واللام ، صار قياسا في البابين (٤) ، كما كان حذف حرف الجر قياسا مع أنّ وأن ، وليس بقياس في غير المواضع الثلاثة ، فلا تقول في مررت بزيد ، وقمت إلى عمرو : مررت زيدا وقمت عمرا. وإنما كان قياسا في بابي المفعول فيه والمفعول له بالضوابط المعيّنة لكل منهما ، لقوة دلالتهما على الحرفين المقدرين ؛ فعلى ما قررنا : المفعول فيه ، والمفعول له ، نوعان من أنواع المفعول به مختصان بالاسمين المذكورين ،.
وأما قول المصنف في نحو : يوم الجمعة صمته : ان الضمير لا يجوز أن يكون مفعولا فيه ، إذ هو لا يكون إلا ظرف الزمان أو المكان ؛ فمنقوض بنحو : خرجت هذا اليوم ، فلفظة «هذا» ههنا ظرف اتفاقا ، بدلالة صفته وقوله : ان الزمان في نحو : مكر الليل ،
__________________
(١) أي الذين لم يجوزوه.
(٢) أي جوزوا مثل هذا التركيب.
(٣) اعتبره البغدادي أحد الشواهد. لأن سيبويه أورد هذا البيت :
استغفر الله ذنبا لست محصيه |
|
رب العباد إليه الوجه والعمل |
وبعد أن شرحه قال انه من أبيات سيبويه الخمسين التي لم يعرف قائلها.
(٤) أي في بابي المفعول فيه والمفعول لأجله.