وقد يقوم المصدر المضاف إليه مقام المضاف الذي هو مكان ، نحو : مشيت غلوة (١) سهم ، ورمية نشّابة (٢) ، أي مسافة غلوة سهم ، وفي الحديث» اقطع النبي صلّى الله عليه وسلّم زبيرا حضر (٣) فرسه».
وقد يقوم المضاف إليه الذي هو اسم عين مقام مضافه الذي هو مصدر قائم مقام مضافه الذي هو حين ، نحو : لا آتيك السّمر والقمر (٤)، أي مدة طلوع القمر ، ومنه قوله :
١٦٧ ـ باكرت حاجتها الدجاج بسحرة |
|
لأعلّ منها حين هبّ نيامها (٥) |
أي وقت صياحه ؛ هذا إذا كان باكرت بمعنى بكّرت ، لا غالبت بالبكور ؛.
قال النحاة : قد يتوسّع في الظرف المتصرف فيجعل مفعولا به ، فحينئذ ؛ يسوغ أن يضمر مستغنيا عن لفظ «في» كقولك : يوم الجمعة صمته ؛ وأن يضاف إليه المصدر والصفة المشتقة منه ، نحو قوله تعالى : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ)(٦) وقوله :
١٦٨ ـ يا سارق الليلة أهل الدار (٧)
وقد اتفقوا على أن معناه متوسّعا فيه وغير متوسع فيه سواء ؛ ثم فرّعوا على هذا الأصل ، فقال بعضهم : لا يتوسع في ظرف المتعدي إلى اثنين حتى يلحق بالمتعدي إلى ثلاثة ، فلا يقال : يوم الجمعة أعطيته زيدا درهما ، قال : لأن المتعدي إلى ثلاثة محصور ، فلا يزاد عليه ، وجوّزه الأكثرون ،.
__________________
(١) أي مقدار ما يصل إليه السهم.
(٢) النشابة واحدة النشاب وهي السهام. والمراد مقدار ما يصل إليه السهم كالذي قبله.
(٣) حضر الفرس بضم الحاء وسكون الضاد أقصى جريه. والمعنى المسافة التي يقطعها الفرس عند أقصى جريه.
(٤) أي مدة سمر الناس ، ومدة طلوع القمر كما فسر الشارح والمقصود الدوام ، لأن سمر الناس وأحاديثهم لا تنقطع ، وكذلك طلوع القمر.
(٥) هذا أحد أبيات معلقة لبيد بن ربيعة العامري. وهذه المعلقة مما قاله في الجاهلية ، والبيت وما يتصل به في وصف الخمر وحرصه عليها وبذله في سبيلها كما هو أسلوب الشعراء.
(٦) الآية ٣٣ من سورة سبأ.
(٧) المعنى : يا سارقا في الليلة المعينة أهل الدار ، فأضيف الوصف إلى الظرف بعد حذف حرف الجر «في» كما أن المعنى في الآية : بل مكركم في الليل والنهار. وهذا الشطر غير معروف قائله.