قال الرضى :
يعني أن تقدير اللام شرط انتصاب المفعول له ، لا شرط كون الاسم مفعولا له ، فنحو : للسّمن ، ولإكرامك الزائر ، في قولك : جئتك للسمن ولا كرامك الزائر ، عنده (١) ، مفعول له على ما يدل عليه حدّه ، وهذا كما قال في المفعول فيه : إن شرط نصبه تقدير «في».
وما ذهب إليه في الموضعين ، وإن كان صحيحا من حيث اللغة ، لأن السّمن فعل له المجيء ، لكنه خلاف اصطلاح القوم ، فإنهم لا يسمّون المفعول له ، إلا المنصوب الجامع للشرائط ، فحدّه الصحيح هو : المصدر المقدر باللام المعلل به حدث شاركه في الفاعل والزمان.
ومعنى تشاركهما في الفاعل أن يقوما بشيء واحد كقيام الضرب والتأديب في : ضربته تأديبا ، بالمتكلم ؛ وتشاركهما في الزمان بأن يقع الحدث في بعض زمان المصدر ، كجئتك طمعا ، وقعدت عن الحرب جبنا ، أو يكون أول زمان الحدث آخر زمان المصدر ، نحو حبستك خوفا من فرارك ، أو بالعكس نحو : جئتك إصلاحا لحالك ، وشهدت الحرب إيقاعا للهدنة بين الفريقين (٢).
فإذا كان الحدث المعلّل تفصيلا وتفسيرا للمصدر المجمل ، كما في ضربته تأديبا ، وأعطيته ، مكافأة (٣) ، فليس ههنا حدثان في الحقيقة حتى يشتركا في زمان بل هما في الحقيقة حدث واحد ، لأن المعنى : أدبته بالضرب ، وكافأته بالإعطاء ، فالضرب هو التأديب والاعطاء هو المكافأة ، والعلة ههنا في الحقيقة ، ليس هذا المصدر المنصوب ، لأن الشيء لا يكون علة نفسه ، بل هي أثره ، أي ضربته لتأدّبه ، لكن لو صرحت بما هو العلة أعني
__________________
(١) عنده أي عند المصنف : ابن الحاجب.
(٢) أشار الجرجاني هنا إلى اختلاف في النسخ وأورد جملة طويلة قال انها في بعض النسخ وهي لا تختلف في مضمونها عما هنا وتزيد عنها اعادة لبعض ما تقدم وتكرارا للكثير مما أثبتناه. فكان الأفضل الابقاء على النص المطبوع.
(٣) مكافأة مصدر ذكر للتعليل وليس مفعولا به.