على حذف «جرى» من المعطوف ، كقوله :
١٧٣ ـ علفتها تبنا وماء باردا (١)
أي وسقيتها ماء ، وقيل : لا يجوز العطف في : استوى الماء والخشبة أيضا ، لأن «استوى» ههنا ليس بمعنى استقام ، بل بمعنى ارتفع ، كما في قوله تعالى : (ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى)(٢) ، وله أن يجوز العطف في هذا المثال ، أيضا ، ويقول : استوى : ههنا بمعنى تساوى ، لا بمعنى استقام ، ولا بمعنى ارتفع ، والمعنى : تساوى الماء والخشبة في العلوّ ، أي وصل الماء إلى الخشبة فليست الخشبة أرفع من الماء ، والخشبة ههنا مقياس يعرف به قدر ارتفاع الماء ، وقت زيادته.
ولا يجوز النصب في قولك : أنت أعلم ومالك ، لأنك لا تقصد به مصاحبة المخاطب في العلم لماله ؛ والتقدير الأصلي فيه : أنت أعلم بحال مالك فأنت ومالك ، ثم خفف بحذف معمول أعلم ، وحذف المبتدأ المعطوف عليه مالك ، لقيام القرينة على كلا المحذوفين.
ويقرب من ذلك حذف الجزء الثاني من المركب المضاف والجزء الأول من المركب المضاف إليه ، نحو : ثالث عشر ، في : ثالث عشر ثلاثة عشر على ما يأتي في باب العدد ؛ وقولنا فأنت ومالك ؛ مثل : كل رجل وضيعته ، أي : فأنت ومالك مقترنان ، والمعنى : أنا لا أدخل بينك وبين مالك ولا أشير عليك بما يتعلق بإصلاحه فأنت أعلم بما يصلحه ،
ومثله قولهم : أنت أعلم وربك (٣) ، وهذا يستعمل في التهديد ، أي أنت أعلم بربك ، فلعلّ اجتراءك عليه لما علمت من ترك مكافأته للمجرمين ، تعالى عنه ، فأنت وربك ، أي أنتما مقترنان ، فأنا لا أدخل بينكما ، ولا أدعوه عليك فإنه حسبك ؛ وهذا المعنى أبلغ ما يكون في باب التهديد والتخويف.
__________________
(١) ورد هذا الشاهد بصورتين : فقد ورد قبله : لما حططت الرحل عنها واردا ، وورد بعده في بعض الكتب : حتى غدت همالة عيناها. ولم ينسبه أحد في كل من الحالتين وهو بالصورة الأولى وارد في زيادات ديوان ذي الرمة بين الأبيات التي نسبت إليه ؛ ديوان ذي الرمة المطبوع في «كمبريج» سنة ١٩١٩ م.
(٢) الآية ٦ من سورة النجم.
(٣) انظر سيبويه ج ١ ص ١٥٤.