وقال عبد القاهر : المعنى أنت أعلم ، وربك مجازيك ، فهو ، عنده على حذف خبر المبتدأ من الجملة الثانية.
وليس ما ذهب إليه بذاك ، وكذا قول العبديّ (١) ، إن تقديره : أنت أعلم من غيرك ، وربك أعلم منكما ، وهذا أبعد مما تقدم ، من حيث المعنى المفهوم من : أنت أعلم وربك ،
قوله : «وإن لم يجز العطف تعيّن النصب نحو جئت وزيدا» ؛ جمهور النحاة على أن النصب مختار ههنا ، لا أنه واجب ، وذلك مبني على أن العطف على الضمير المرفوع المتصل بلا تأكيد بالمنفصل وبلا فصل بين المعطوف والمعطوف عليه ، قبيح لا ممتنع ، كما يجيء في باب العطف.
قوله : «وإن كان معنى» ، أي إن كان الفعل معنى ، والفعل المعنوي على ضربين ، لأنه إما أن يكون في اللفظ مشعر به قوي ، أو ، لا.
فالأول نحو : مالك؟ لأن الجار والمجرور متعلق بالفعل أو بما في معناه ، وما شأنك لأن قولك : شأنك بمعنى فعلك وصنعتك فهو بمعنى المصدر الذي فيه معنى الفعل ؛ وحسبك وقدك ، وكفيك لكونها بمعنى كفاك ، ونحو : ويلا لك ، وويلك ، وويل لك ، لأن الويل بمعنى الهلاك ، وفي المصدر معنى الفعل ، وكذا قولهم : رأسك والحائط ، وامرءا ونفسه ، وشأنك والحج ، إن جعلنا الواو بمعنى «مع» فان المنصوب قبلها دال على الفعل المقدر.
وهذا القسم على ضربين : إما ان يجوز العطف فيه بلا تكلف ، أو ، لا ، فالأول نحو : ما زيد وعمرو ، وما شأن زيد وعمرو ، قال المصنف : العطف واجب فيه ، إذ هو الأصل فلا يصار إلى غيره لغير ضرورة.
وليس بشيء ، لأن النص على المصاحبة هو الداعي إلى النصب ، وقد يكون الداعي
__________________
(١) هو أبو طالب أحمد بن بكر المتوفي سنة ٤٠٦ ه ، وتقدم ذكره