إلى النصب ضروريا ، ولو سلمنا أنه ليس بضروري ، قلنا : لم لا يجوز مخالفة الأصل لداع؟ وإن لم يكن ضروريا.
وقال غيره : العطف هو المختار مع جواز النصب ؛ والأولى أن يقال : إن قصد النص على المصاحبة وجب النصب وإلا فلا.
والثاني نحو : مالك وزيدا ، وما شأنك ... بجعل الضمير مكان الظاهر المجرور ، قال الكوفيون يجوز في السّعة العطف على الضمير المجرور بلا اعادة الجار : والبصريون يجوّزونه للضرورة ، وأما في السّعة فيجوّزونه بتكلف ، وذلك باضمار حرف الجر مع أنه لا يعمل مقدّرا لضعفه.
فقال المصنف ههنا : إنه يتعيّن النصب نظرا إلى لزوم التكلف في العطف ، وقال الأندلسي يجوز العطف على ضعف ان لم يقصد النص على المصاحبة ، وهو أولى ، لوروده في القرآن ، كقوله تعالى : (تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ)(١) ؛ بالجر ، في قراءة حمزة ، (٢)
وفي النصب (٣) في مثل هذا ، أعني : ما شأنك ، أو مالك وزيدا ، و : ما شأن زيد وعمرا ، أربعة أوجه : الأكثرون على أنه بالفعل المدلول عليه بما شأنك ومالك ، أي ما تصنع ، وذلك لأن «ما» طالبة للفعل ، لكونها استفهامية ، وبعدها الجارّ ، أو المصدر ، وفيهما معنى الفعل فتظافرا على الدلالة على الفعل ، ومن ثمّ امتنع في الاختيار : هذا لك وأباك ، لفوات «ما» الاستفهامية.
وقال سيبويه : تقديره : ما شأنك وشأن ملابستك زيدا ، ومالك ولملابستك زيدا ، وما شأن زيد وملابسته عمرا ؛ فهو (٤) مفعول المصدر المقدر ؛ قال السيرافي (٥) : هذا تقدير
__________________
(١) الآية الأولى من سورة النساء.
(٢) هو حمزة بن حبيب بن عمارة الزيات أحد القرّاء السبعة توفي في خلافة أبي جعفر المنصور سنة ١٥٦ ه.
(٣) أي في بيان عامل النصب.
(٤) هذا في كتاب سيبويه ج ١ ص ١٥٥.
(٥) في تفسير كلام سيبويه.