في التقدير إذ كأنه كان «مذرى» ثم ثني ، لم يمكنه مثل ذلك في «ثنايان» فكان عليه أن يذكره ،
وذلك أن معنى «ثناء» ، لو استعمل : طرف الحبل ، وليس في الطرف الواحد معنى الثّني ، كما لم يمكن أن يقال لمفرد «اثنان» : «اثن» ، إذ ليس في المفرد معنى الثني ، فالثنايان : طرفا الحبل المثنيّ ، فالثني في مجموع الحبل ، لا في كل واحد من طرفيه ؛
وكان عليه ، أيضا ، أن يذكر ههنا : هذان ، واللذان ، ونحوهما ، لأن ظاهر مذهبه ، كما ذكر في شرح المفصل : أنها صيغ موضوعة للمثنى غير مبنية على الواحد ، وقال : ويدل عليه : جواز تشديد نون «هذان» ، وأنهم لم يقولوا : ذيّان ، واللذيّان (١) ، فنحو ذان ، واللذان ، عنده ، في المثنى ، ينبغي أن يكون مثل : عشرون ، في الجمع ؛ كلاهما صيغة موضوعة وان ثبت في الظاهر ما يوهم أنه مفردها ؛
وانما أعرب المثنى وجمع المذكر السالم بالحروف ، لأن الحركات استوفتها الآحاد ، مع أن في آخرهما ما يصلح لأن يكون اعرابا من حروف المد ، ومن ثمّ ، أعرب المكسّر ، وجمع المؤنث السالم بالحركات ، وانما أعربا هذا الاعراب المعيّن ، لأن الألف كان جلب (٢) قبل الاعراب في المثنى علامة للتثنية ، وكذا الواو في الجمع ، علامة للجمع ، لمناسبته الألف بخفته لقلة عدد المثنى ، والواو بثقله لكثرة عدد الجمع ، وهذا حكم مطرد في جميع المثنى والمجموع ، نحو : ضربا ، وضربوا ، وأنتما ، وأنتموا ، وهما ، وهموا ، وكما ، وكموا (٣) ؛
ثم أرادوا اعرابهما ، فان المثنى والمجموع متقدم (٤) ، لا محالة ، على اعرابهما ،
__________________
(١) لأن المفرد قد صغر فيها وان كان التصغير فيه شاذا. وعدم تصغير المثنى يدل على انه صيغة مستقلة كما قال.
(٢) سيأتي في باب خبر كان : ان المصنف يختار وقوع خبرها فعلا ماضيا بدون تقدير قد ، وقال انه لا حاجة إلى تقديرها في نحو قوله تعالى (وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ) وسيذكر آراء النحاة في ذلك ويناقشها.
(٣) اقتصر على ذكر الضمير المتصل بنحو أكرمتكما وأكرمتكمو ، لتحديد المراد من التمثيل.
(٤) أي أن وجودهما متقدم على اعرابهما.