وقال تعالى : (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها)(١) ؛ ولوجب قلب ألفيهما نصبا وجرّا ، أضيفا إلى المضمر ، أو إلى المظهر ، كسائر التثاني ؛ (٢) وأما البيتان ، فالألف حذف فيهما للضرورة بدليل فتح التاء ، ولو كانت مفردة لوجب كسر التاء في قوله «في كلت» وضمه في قوله «كلت كفيه ، ولكان معنى المفرد مخالفا لمعنى المثنى ؛
واعلم أن كلا وكلتا ، لا تضافان إلا إلى المعارف ، لأن وضعهما للتأكيد ولا يوكّد التأكيد المعنوي الا المعارف ، كما يجيء في بابه ؛
والمضاف إليه يجب أن يكون مثنى ، إما لفظا ومعنى ، نحو : كلا الرجلين ، أو معنى ، نحو : كلانا .. ، ولا يجوز تفريق المثنى الا في الشعر ، نحو : كلا زيد وعمرو ، والحاق التاء بكلا مضافا إلى مؤنث أفصح من تجريده ، نحو : كلا المرأتين ، ويجوز الحمل على اللفظ مرة ، وعلى المعنى أخرى ، قال تعالى : (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها) ، ثم قال : (وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً)(٣) ؛
والقسم الثالث ما فيه الواو والياء ، قال : إنما افردت «أولو» ، وعشرون وأخواتها بالذكر ، لأن جمع المذكر السالم : كل اسم ثبت مفرده ثم ألحق بذلك المفرد واو ونون ، دلالة على ما فوق الاثنين ، وليس «أولو» و «عشرون» وأخواتها (٤) كذلك ، لأن «أولو» موضوع وضع جمع السلامة ، وليس به ، إذ لم يأت «أول» في المفرد ، وكذا ، عشرون وأخواته ، وليس «عشر» و «ثلاث» و «أربع» آحادا لعشرون وثلاثون وأربعون ، وان أوهم ذلك ، إذ لو كان كذلك لقيل لثلاث عشرات مع كل عشرة تزيد عليها : عشرون ، لأن أقل الجمع ثلاثة ، وكذا قيل ثلاثون للتسعة مع كل ثلاثة تزيد عليها ؛
__________________
(١) من الآية ٣٣ من سورة الكهف.
(٢) يريد كسائر المثنيات ، والكلمة هكذا وردت في النسخة المطبوعة.
(٣) متصلة بالآية السابقة ٣٣ سورة الكهف.
(٤) أي أخوات عشرين. وهي ثلاثون ... إلى تسعين ويسمونها العقود.