وعند الاختلاط خيّر من نطق |
|
فى أن يجيء منهما بما اتّفق |
و (من) أجز فى غير من يعقل إن |
|
شابهه كذا إذا به قرن |
(ش) المراد بـ «كلّ ما مضى» : «الّذى» و «الّتى» وتثنيتهما وجمعهما ؛ فإن كل واحد من «ما» و «من» صالح أن يراد به ذلك كله.
إلا أن «من» تختص بمن يعقل ، و «ما» صالحة للصنفين ، ولكن أولاهما بها ما لا يعقل ، والمبهم أمره.
ومن ورود «ما» فيمن يعقل قوله ـ تعالى ـ : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) [النساء : ٣]
وقوله : (إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) [المؤمنون : ٦]
ومن المبهم أمره : المشكوك فيه ؛ لبعده : هل هو إنسان أو غيره ، فيقال : «انظر إلى ما ظهر : أى شيء هو؟».
وإذا اختلط صنف من يعقل بصنف ما لا يعقل ، جاز أن يعبر عن الجميع بـ «من» تغليبا للأفضل كقوله ـ تعالى ـ : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [النور : ٤١].
أو أن يعبر عنه بـ «ما» لأنها عامة فى الأصل نحو : (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [الحديد : ١].
واستحسن التعبير بـ «من» عما لا يعقل إذا أجرى مجرى من يعقل ، كقول الشاعر : [من الطويل]
بكيت إلى سرب القطا إذ مررن بى |
|
فقلت ومثلى بالبكاء جدير |
أسرب القطا هل من يعير جناحه؟ |
|
لعلّى إلى من قد هويت أطير (١) |
أجراه مجرى من يعقل بأن كلمه فعبر عنه بـ «من».
كما ساغ ؛ لوصف الكواكب بالسجود ـ أن يجمع جمع من يعقل ؛ لكونه فى الأصل لمن يعقل أعنى : السجود ، وإلى هذا أشرت بقولى :
... |
|
إن شابهه ... |
__________________
(١) البيتان للمجنون فى ديوانه ص ١٠٦ ، وللعبّاس بن الأحنف فى ديوانه ص ١٦٨ ، وتخليص الشواهد ص ١٤١ ، وللعباس أو للمجنون فى الدرر ١ / ٣٠٠ ، وشرح التصريح ١ / ١٣٣ ، والمقاصد النحويّة ١ / ٤٣١ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ١٤٧ ، وشرح الأشمونى ١ / ٦٩ ، وشرح ابن عقيل ص ٨٠ ، ٨١.