ثالثا : من حيث موقفه من بعض قضايا أصول النحو :
الأدلة عند ابن مالك :
١ ـ موقفه من السماع :
الأصل عند ابن مالك أن القواعد تبنى على السماع الصحيح ، وهو لا يلجأ إلى القياس إلا إذا لم يجد الشاهد المقبول من السّماع.
فالأدلة عند ابن مالك كالأدلة عند غيره من النحاة السابقين عليه ؛ والقرآن الكريم ، وما قاله العرب شعرا ونثرا ، وهذا ما سماه النحويون : السماع».
ثم القياس على ما ثبت صحته ، وصحّ دليله ، واستقام قياسه ، ولكنه امتاز عن سالفيه بأنّه كان أوّل من وضع الحديث الشريف فى موضعه الصحيح من الاحتجاج به ، بل والإكثار من أخذ الشواهد منه.
أ ـ القرآن الكريم :
كان ابن مالك يضع القرآن الكريم فى قمة المصادر التى يرجع إليها ويعتمد عليها ، لا فرق عنده بين قراءة وقراءة ، ولا بين قراءة متواترة وشاذّة ، فالقراءة سنّة متبعة ، والقراء يلتزمون ما نزل على النبىّ صلىاللهعليهوسلم ؛ وهم لا ينظرون فى القرآن على الأفشى فى اللغة ، والأقيس فى العربيّة ، بل ينظرون إلى الأثبت فى الأثر ، والأصح فى النقل (١).
فمن احتجاجه بالقراءات الشاذة :
احتجاجه فى : «شرح التسهيل» بقوله تعالى فى سورة القصص : الآية (٤٨) (٢) : «قالوا ساحران تظّاهرا» بتشديد الظّاء على جواز حذف نون الرّفع من الأمثلة الخمسة فى النّثر مجرّدة من نون الوقاية ، مع عدم الناصب أو الجازم.
واحتجاجه كذلك بقوله تعالى فى سورة الحج : الآية (٣٥) (٣) : (وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ) بنصب الصلاة ؛ على سقوط نون جمع المذكر السالم.
واحتجاجه كذلك بقوله تعالى فى سورة الصافات : الآية (٣٨) (٤) : «إِنَّكُمْ لَذائِقُوا
__________________
(١) النشر فى القراءات العشر ١ / ١٠ ، ١١ ، والاقتراح ١٤ ، ١٥ ، وشرح التسهيل ٤٦ المقدمة.
(٢) وهى قراءة لأبى عمرو بن العلاء من بعض طرقه.
(٣) وهى قراءة ابن أبى إسحاق ، انظر شواذ ابن خالويه ٩٥ ، وشرح التسهيل ١ / ٧٣.
(٤) حكى هذه القراءة الشاذة ابن جنى فى المحتسب ٢ / ٨٠ ، وشرح التسهيل ١ / ٧٢ ، ٧٣.