الْعَذابِ الْأَلِيمِ» وبقوله تعالى فى سورة التوبة : الآية (٢) (١) : (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ) بنصب «العذاب» ولفظ الجلالة ؛ احتج بهما على سقوط نون جمع المذكر السالم اختيارا قبل لام ساكنة ، لا للإضافة ، بل للتخفيف.
واحتجاجه بقوله تعالى فى سورة الزخرف الآية (٧٦) (٢) : (وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ) على جعل ضمير الفصل «هم» مبتدأ وما بعده خبر مرفوع ، وقراءة حفص (وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ) على جعل «الظالمين» خبرا لـ «كان» ، وضمير الفصل لا محل له من الإعراب.
ب ـ الحديث الشريف :
من أهم ما تميز به مذهب ابن مالك النحوىّ هو احتجاجه بالحديث الشريف ، وجعله مصدرا من مصادر الاحتجاج والاستشهاد ، وقد منع من ذلك ابن الصائغ وأبو حيّان ، وقد تصدى لهذا الموضوع كثير من العلماء ، وأكثرهم يردّون اعتراضات ابن الصائغ وأبى حيان ، ويؤيدون ابن مالك فيما ذهب إليه ، كالدّمامينى وناظر الجيش فى شرحيهما على «التسهيل» ، ولعل أوفى ما كتب فى هذه المسألة ما كتبه البغدادى فى كتابه : «خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب» (٣) عند حديثه عن الكلام الذى يصح الاستشهاد به فى اللغة والنحو والصرف ، وقد انتهى مجمع اللغة العربية أخيرا إلى الأخذ بمذهب ابن مالك مع شىء من التحفظ والاحتراز ، قال البغدادىّ فى : «خزانة الأدب» : «وسندهما ـ أى : ابن الصائغ وأبى حيّان ـ أمران :
أحدهما : أن الأحاديث لم تنقل كما سمعت من النبى صلىاللهعليهوسلم ، وإنما رويت بالمعنى.
وثانيهما : أن أئمة النحو المتقدمين من المصرين ـ أى : البصرة والكوفة ـ لم يحتجوا بشىء منه.
وردّ الأوّل على تقدير تسليمه بأن النّقل بالمعنى إنما كان فى الصدر الأول قبل تدوينه فى الكتب وقبل فساد اللغة ، وغايته تبديل لفظ بلفظ يصح الاحتجاج به ، فلا
__________________
(١) وهى قراءة لأبى السّمال ، انظر شواذ ابن خالويه ١٣٧ ، وهمع الهوامع ١ / ١٦٩ ، وشرح التسهيل ١ / ٧٣.
(٢) وهى قراءة لأبى زيد النحوى ، انظر شواذ ابن خالويه ١٣٦ ، وشرح التسهيل ١ / ١٧٠.
(٣) خزانة الأدب ١ / ٩ ـ ١٥.