فرق على أن اليقين غير شرط ، بل الظنّ كاف.
وردّ الثّانى بأنه لا يلزم من عدم استدلالهم بالحديث عدم صحة الاستدلال به ، والصواب جواز الاحتجاج بالحديث للنحوىّ فى ضبط ألفاظه» ... إلى آخر كلام البغدادى.
وفى هامش «الخزانة» ردّ للعلامة عبد العزيز الميمنى الراجكوىّ على الأمر الأول من أدلة ابن الصائغ وأبى حيان.
قال الميمنىّ (١) : النقل بالمعنى شىء ليس بمقصور على الأحاديث فحسب ، بل إن تعدّد الروايات فى بيت واحد من هذا القبيل ، والقول بأن منشأه تعدد القبائل ليس مما يتمشى فى كل موضوع ؛ على أن إثبات ذلك فى كل بيت دونه خرط القتاد ، زد إلى ذلك ما طرأ على الشعر من التصحيف والوضع والاختلاق ، من مثل ابن دأب ، وابن الأحمر ، والكلبى ، وأضرابهم ، ورواة الشعر أيضا فيهم من الأعاجم والشعوبية أمم ، على أن المسلمين فى القرون الأولى كانوا أحرص على إتقان الحديث من حفظ الشعر ، والتثبّت من روايته ، وقد قيّض الله لأحاديث رسول الله من الجهابذة النّقّاد من نفى عنه ما كان فيه من شبهة الوضع والانتحال ، وهذا حرم الشّعر مثله».
وقد توسّط الشاطبى فجوز الاحتجاج بالأحاديث التى اعتنى بنقل ألفاظها ، كما ذكر ذلك البغدادى ، وذكر أن السيوطى تبعه على ذلك فى كتابه : «الاقتراح فى علم أصول النحو».
ثم قال البغدادىّ (٢) : وقد ردّ هذا المذهب الذى ذهبوا إليه البدر الدمامينى فى : «شرح التسهيل» ، ولله درّه ، فإنه قد أجاد الرّدّ ، قال : ....» ثم ذكر ردّ الدمامينىّ وهو ردّ جيد حقّا كما قال البغدادى ، فليطالع هناك فلا يسعه هذا البحث.
جـ) كلام العرب : وهو الاعتداد بما قاله العرب الفصحاء ، وكان العلماء يرون أن لغات العرب كلّها جديرة بالاعتبار ؛ فلا يصح رد إحداها بالأخرى ، ولكن ترجّح إحدى اللغتين على الأخرى إذا كان أقوى القياسين أقبل لها أو أشد أنسا بها (٣).
وهذا ما ذهب إليه ابن مالك فقد كان يرى أن لغة بنى تميم فى ترك إعمال «ما»
__________________
(١) خزانة الأدب ١ / ٩.
(٢) خزانة الأدب ١ / ١٤ ، ١٥.
(٣) الخصائص ٢ / ١٠ باب اختلاف اللغات وكلها حجّة.