الذى ذكره ابن برهان ـ رحمهالله ـ يؤيد ما ذهب إليه ابن السراج من إجراء عوامل هذا الباب على سنن واحد قياسا ، وإن لم يثبت سماع فى إعمال جميعها ، وبقوله :
أقول فى هذه المسألة ؛ ومن أجل هذا قلت : القياس سائغ.
ب ـ وضع كلّ من المفرد والمثنى والجمع موضع الآخر ، قال السّيوطىّ فى كتابه : «همع الهوامع شرح جمع الجوامع» (١) : الأصل فى كلام العرب دلالة كل لفظ على ما وضع له ، وقد يخرج عن هذا الأصل ، وذلك قسمان : مسموع ومقيس :
فالأول : ما ليس جزءا مما أضيف إليه ؛ سمع : ضع رحالهما ، أى : رحليهما ، وديناركم مختلفة أى : دنانيركم ، وعيناه حسنة ، أى : حسنتان ، ومنه : لبّيك وأخواته ، وشابت مفارقه ، وليس له إلا مفرق واحد ، فكل هذا مسموع لا يقاس عليه ، وقاسه الكوفيون ، وابن مالك ، إذا أمن اللّبس ، وهو ماش على قاعدة الكوفيين ؛ من القياس على الشاذّ والنادر» ا ه.
وقال أثير الدين أبو حيّان : «ولو قيس شىء من هذا لالتبست الدلالات ، واختلطت الموضوعات» ، وقد ناقش ابن مالك هذه المسألة فى كتابه : «شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح» (٢) ، فأورد لها الشواهد العديدة من القرآن الكريم ، والحديث الشريف ، والشعر ، وكلام العرب ؛ بما لا يدع مجالا لقول السيوطى ؛ إنه من القياس على الشاذ والنادر ، وقول أبى حيان بالتباس الدلالات واختلاط الموضوعات.
جـ ـ قال فى باب العدد من : «شرح التّسهيل» (٣) بعد كلامه على قوله تعالى : (وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً :) وأجاز بعض العلماء أنّ قول القائل : «عندى عشرون دراهم ، لعشرين رجلا» قاصدا أن لكلّ منهم عشرين درهما.
قلت : وهذا إن دعت الحاجة إليه فاستعماله حسن ، وإن لم تستعمله العرب ؛ لأنه استعمال لا يفهم معناه بغيره ، ولا يجمع مميّز «عشرين» وبابه فى غير هذا النوع ، فإن وقع موقع تمييز شىء منها جمع ، فهو حال أو تابع [أى : والتمييز محذوف] ،
__________________
(١) همع الهوامع ١ / ١٧١ وما بعدها.
(٢) شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح البحث الرابع عشر ص ٦٠ وما بعدها فى توجيه قول : «أمرنا أن نخرج الحيّض يوم العيد» والأصل : «يومى العيد».
(٣) شرح التسهيل ٢ / ٣٩٣.