والأخفش ، وإن ذهب أكثر المتأخرين إلى أن المحذوفة فى التخفيف نون الوقاية ؛ قال ابن مالك فى : «شرح التسهيل» (١) عن الأول : وهو الصحيح لوجوه :
أحدها : أنّ نون الرفع قد تحذف دون سبب مع عدم ملاقاتها لنون الوقاية ، ولا تحذف نون الوقاية المتصلة بفعل محض غير مرفوع بالنون ، وحذف ما عهد حذفه أولى من حذف ما لم يعهد حذفه. وأيضا ، فإن نون الرفع نائبة عن الضمة ، وقد حذفت الضمة تخفيفا فى الفعل ، نحو قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ)(٢) و (وَما يُشْعِرُكُمْ)(٣) فى قراءة للسّوسىّ. وفى الاسم ؛ كقراءة بعض السّلف (وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ)(٤) بسكون اللام و (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُ)(٥) بسكون التاء.
فحذف النون النائبة عنها ، (أى نون الرفع النائبة عن الضمّة) تخفيفا ـ أولى ، وليؤمن تفضيل الفرع على الأصل.
وأيضا ، فإن حذف نون الرفع يؤمن معه حذف نون الوقاية ، إذ لا يعرض لها سبب آخر يدعو إلى حذفها ، وحذف نون الوقاية أوّلا لا يؤمن معه حذف نون الرفع عند الجزم والنصب ، وحذف ما يؤمن بحذفه حذف ـ أولى من حذف ما لا يؤمن بحذفه حذف.
وأيضا لو حذفت نون الوقاية لاحتيج إلى كسر نون الرّفع بعد الواو والياء ، وإذا حذفت نون الرفع لم تحتج إلى تغيير ثان ، وتغيير يؤمن معه تغيير أولى من تغيير لا يؤمن معه تغيير» ا ه.
وقال عند الكلام على المجموع بالألف والتاء (٦) : وزعم أبو على أن قول من قال : «سمعت لغاتهم» بالفتح لا يحمل على أنه جمع ، بل على أنه مفرد ردّ لامه ، فقلب ألفا ، وهذا الذى ذهب إليه مردود من أربعة أوجه :
أحدها : أن جمعيّة «لغات» فى غير «سمعت لغاتهم» ثابتة بإجماع ، والأصل عدم
__________________
(١) شرح التسهيل ١ / ٥٢.
(٢) سورة البقرة آية ٦٧.
(٣) سورة الأنعام آية ١٠٩ ، وينظر الإتحاف ص ٢١٥.
(٤) سورة الزخرف آية ٨٠.
(٥) سورة البقرة آية ٢٢٨ لمسلمة بن محارب ، وينظر شواذ ابن خالويه ١٤.
(٦) شرح التسهيل ١ / ٨٨.