وربّما أسقطت الهمزة ... |
|
... |
إلى أن «أم» المتصلة قد تسقط الهمزة التى قبلها ، فيكتفى بتقديرها ، وكون موضعها مشعرا بها كقول الشاعر : [من الطويل]
فأصبحت فيهم آمنا لا كمعشر |
|
أتونى فقالوا : من ربيعة أم مضر؟ (١) |
أى : أمن ربيعة أم مضر؟.
وكقول الآخر : [من الطويل]
لعمرك ما أدرى وإن كنت داريا |
|
بسبع رمين الجمر أم بثمان (٢) |
ومنه قراءة ابن محيصن (٣) : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) [البقرة : ٦].
فهذا وأمثاله من مواضع حذف الهمزة المعطوف على مصحوبها بـ «أم» جائز بعد صلاحية المكان لـ «أى».
وقد أجاز الأخفش (٤) حذف الهمزة ـ فى الاختيار ـ وإن لم يكن بعدها «أم»
__________________
(١) البيت لعمران بن حطان فى ديوانه ص ١١١ ، وخزانة الأدب ٥ / ٣٥٩ ، وبلا نسبة فى الخصائص ٢ / ٢٨١ ، والمحتسب ١ / ٥٠ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٥٦٩ ، ٦٧٠.
(٢) البيت لعمر بن أبى ربيعة فى ديوانه ص ٢٦٦ ، والأزهية ص ١٢٧ ، وخزانة الأدب ١١ / ١٢٢ ، ١٢٤ ، ١٢٧ ، ١٣٢ ، والدرر ٦ / ١٠٠ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٥١ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٣١ ، وشرح المفصل ٨ / ١٥٤ ، والكتاب ٣ / ١٧٥ ، ومغنى اللبيب ١ / ١٤ ، والمقاصد النحوية ٤ / ١٤٢ ، وبلا نسبة فى جواهر الأدب ص ٣٥ ، والجنى الدانى ص ٣٥ ، ورصف المبانى ص ٤٥ ، وشرح ابن عقيل ص ٤٩٦ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٦٢٠ ، وفقه اللغة ص ١٨٤ ، والمحتسب ١ / ٥٠ ، والمقتضب ٣ / ٢٩٤ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٣٢.
(٣) وقرئ «أأنذرتهم» بتحقيق الهمزتين ، وهى لغة بنى تميم ، وبتخفيف الثانية بين بين ، وهى لغة الحجاز ، وبإدخال ألف بين الهمزتين تخفيفا وتحقيقا. ومنه :
أيا ظبية الوعساء بين جلاجل |
|
وبين النقا أأنت أم أمّ سالم |
وقال آخر :
تطاللت فاستشرفته فعرفته |
|
فقلت له أأنت زيد الأرانب |
وروى عن ورش إبدال الثانية ألفا محضة ، ونسب الزمخشرى هذه القراءة للّحن ؛ قال : «لأنه يؤدى إلى الجمع بين ساكنين على غير حدهما ، ولأن تخفيف مثل هذه الهمزة إنما هو بين بين». وهذا منه ليس بصواب ؛ لثبوت هذه القراءة تواترا. وللقراء فى نحو هذه الآية عمل كثير وتفصيل منتشر. ينظر : الدر المصون (١ / ١٠٦) ، وانظر : المحتسب فى توجيه قراءة ابن محيصن (١ / ٥٠).
(٤) قال الأخفش فى هذه الآية : فيقال : هذا استفهام ؛ كأنه قال : «أوتلك نعمة تمنها». ينظر : معانى القرآن للأخفش : ٢ / ٦٤٦.