وجعل من ذلك قوله تعالى : (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ)؟. [الشعراء : ٢٢]
ومنه قول الشاعر : [من المنسرح]
أفرح أن أرزأ الكرام وأن |
|
أورث ذودا شصائصا (١) نبلا؟ (٢) |
وقول الآخر : [من الطويل]
طربت وما شوقا إلى البيض أطرب |
|
ولا لعبا منّى وذو الشّيب يلعب؟ (٣) |
أراد فى الأول : أأفرح أن أرزأ؟
وأراد فى الثانى : أو ذو الشيب يلعب؟
وأقوى الاحتجاج على ما ذهب إليه الأخفش : قول رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لجبريل ـ عليهالسلام ـ : «وإن زنى ، وإن سرق؟ قال : وإن زنى وإن سرق» (٤).
أراد : أو إن زنى وإن سرق؟ لأنه من هذا التقدير.
وأشرت بقولى :
وما عليه عطفت «أم» لا يجب |
|
إيلاؤه الهمزة ... |
إلى أنه يجوز أن يفصل بين الهمزة وبين ما عطفت عليه «أم» نحو : «أرأيت زيدا أم عمرا»؟
__________________
(١) الشصوص : التى قبل لبنها وذهب. ينظر : اللسان (شصص).
(٢) البيت لحضرمى بن عامر فى لسان العرب (جزأ) ، (شصص) ، (نبل) ، وتاج العروس (جزأ) ، (شصص) ، (نبل) ، (زنن) ، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٣٧٩ ، وتهذيب اللغة ١١ / ٢٦٣ ، ١٥ / ٣٥٩ ، ٣٦٠ ، ومقاييس اللغة ٥ / ٣٨٣ ، وديوان الأدب ١ / ١٧٣ ، ٢٢٩ ، وكتاب العين ٨ / ٣٢٩.
(٣) تقدم تخريج هذا البيت.
(٤) أخرجه أحمد (٥ / ١٥٩ ، ١٦١) ، والبخارى (٣ / ٤٤٤) كتاب الجنائز ، باب : فى الجنائز ، (١٢٣٧) ، ومسلم (١ / ٩٤) كتاب الإيمان ، باب : من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ، ومن مات مشركا دخل النار (١٥٣ ـ ٩٤) من حديث أبى ذر رضى الله عنه. قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أتانى آت من ربى فأخبرنى ، أو قال : بشرنى أنه من مات من أمتى لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة». قلت : وإن زنى وإن سرق؟ قال : وإن زنى وإن سرق».
قال الحافظ فى الفتح (٣ / ٤٤٥) : قوله : «فقلت : وإن زنى أو سرق» ، قد يتبادر إلى الذهن أن القائل ذلك هو النبىّ ، والمقول له الملك الذى بشّره به ، وليس كذلك ؛ بل القائل هو أبو ذر ، والمقول له هو النّبىّ صلىاللهعليهوسلم كما بينه المؤلف ـ أى البخارى ـ فى اللباس.
وللترمذى : «قال أبو ذر : يا رسول الله». ويمكن أن يكون النبى صلىاللهعليهوسلم قاله مستوضحا ، وأبو ذر قاله مستبعدا» ا. ه.