ثم بينت أن غير الفاء والواو من حروف العطف ، قد يحال بينه وبين المعطوف بالقسم نحو : «قام زيد ثمّ والله عمرو» و «ما لك دينارا بل والله درهما».
فلو كان العاطف فاء أو واوا ، لم يجز هذا الفصل ؛ لأن الفاء والواو أشد افتقارا إلى ما يتصل بهما من غيرهما.
ثم بينت أن المفصول من العاطف إن كان معطوفا على مجرور أعيد معه الجار كقولى :
... امرر بذا وبعد بابنى ... |
|
... |
فلو حذفت الجار لم يجز.
بخلاف الرافع والناصب ، فالاستغناء عن إعادتهما بعد الفصل جائز. نحو : «يقوم اليوم زيد ، وغدا عمرو» و «رأيت زيدا وقبله عمرا». ثم بينت أنه لا يمتنع نحو :
... |
|
... لذا شهد وخالد صبر |
لكن فى جوازه مذهبان :
أحدهما : أن يكون جر «خالد» بالعطف على «ذا» ، و «صبر» معطوف على «شهد» فيكون عطفا على عاملين ، وهو عند أبى الحسن فى مثل هذا جائز.
والثانى : أن يكون جر «خالد» بلام محذوفة ، دلت عليها اللام المتقدمة.
ولا يلزم من هذا عطف على عاملين ؛ فإن الجار والمجرور : خبر مقدم و «صبر» : مبتدأ ، والجملة : معطوفة على الجملة المتقدمة.
وهذا أقرب من عطف على عاملين ؛ إذ ليس فى هذا التوجيه ما يستبعد إلا حذف حرف الجر ، وبقاء عمله ، ومثل هذا لوجود ما يدل على المحذوف جائز بإجماع ؛ ولذلك جروا بـ «من» محذوفة بعد «كم» إذا دخل عليها حرف جر.
وقد أجاز الأخفش والسيرافى وغيرهما من المحققين جر المجاب به بحرف محذوف إذا كان حرف الجر ظاهرا فى السؤال نحو أن تقول : «زيد» لمن قال : «بمن مررت»؟.
وإذا كان معنى حرف الجر فى السؤال قد سوغ للمجيب أن يجر بحرف محذوف ، كقول رؤبة : «خير» ـ بالجر ـ لمن قال : «كيف أصبحت»؟ فلأن يسوغ ظهور حرف الجر فى السؤال إعمال الجار المحذوف أحق وأولى. فهذا يقوى ما أشرت إليه من صحة قولى :