أو على جعل «آيات» الثانى ، والثالث توكيدين لـ «آيات» الأول.
والتوكيد بعد التوكيد ، وحذف ما دل عليه دليل ليس ببدع ؛ بخلاف العطف على
__________________
والثانى : أن يتّصل المعطوف بالعاطف أو يفصل بـ «لا» ، مثال الأول : الآية الكريمة والأبيات التى قدمتها ؛ ولذلك استصوب المبرد استشهاده بالآية ، ومثال الفصل بـ «لا» قولك : ما فى الدار زيد ولا الحجرة عمرو. فلو فقد الشرطان نحو : إنّ زيدا شتم بشرا ووالله خالدا هندا ، أو فقد أحدهما نحو : إنّ زيدا ضرب بكرا وخالدا بشرا ـ فقد نقل ابن مالك الامتناع عند الجميع ، وفيه نظر ؛ لما ستعرفه فى الخلاف.
الثالث : أنه يجوز بشرط أن يكون أحد العاملين جارّا ، وأن يكون متقدما نحو الآية الكريمة ، فلو لم يتقدم نحو : إنّ زيدا فى الدار وعمرو فى السوق لم يجز ، وكذا لو لم يكن حرف جرّ كما تقدم تمثيله.
الرابع : الجواز مطلقا ، ويعزى للفراء.
الوجه الرابع ـ من أوجه تخريج القراءة المذكورة ـ : أن ينتصب بـ «آيات» على الاختصاص ؛ قاله الزمخشرى ، وسيأتى فيما أحكيه عنه.
وأما قراءة الرفع ففيها أوجه :
أحدها : أن يكون الأول.
الثانى : أن يكون تأكيدا لآيات التى قبلها ، كما كانت كذلك فى قراءة النصب.
الثالث : أن تكون المسألة من باب العطف على عاملين ، وذلك أن «اختلاف» عطف على «خلقكم» وهو معمول لـ «فى». فـ «آيات» معطوفة على «آيات» قبلها ، وهى معمولة للابتداء ، فقد عطف على معمولى عاملين فى هذه القراءة أيضا. قال الزمخشرى : قرئ (آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) بالرفع والنصب على قولك إنّ زيدا فى الدار وعمرو فى السوق أو عمرا فى السوق. وأما قوله (آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) فمن العطف على عاملين ، سواء نصبت أم رفعت فالعاملان فى النصب «إنّ» و «فى» أقيمت الواو مقامهما فعملت الجرّ فى (اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) والنصب فى «آيات» وإذا رفعت فالعاملان الابتداء و «فى» : «عملا الرفع فى «آيات» والجرّ فى «اختلاف». ثم قال فى توجيه النصب : والثانى : أن ينتصب على الاختصاص بعد انقضاء المجرور.
الخامس : أن يرتفع «آيات» على خبر ابتداء مضمر ، أى : هى آيات ، وناقشه الشيخ ، فقال : ونسبة الجرّ والنصب للواو ليس بصحيح ؛ لأنّ الصحيح من المذاهب أنّ حرف العطف لا يعمل. قلت : قد ناقشه الشيخ شهاب الدين أبو شامة أيضا ، فقال : فمنهم من يقول هو على هذه القراءة أيضا. يعنى قراءة الرفع. عطف على عاملين وهما : حرف «فى» ، والابتداء المقتضى للرفع ، ومنهم من لا يطلق هذه العبارة فى هذه القراءة ؛ لأن الابتداء ليس بعامل لفظى. وقرئ «واختلاف» بالرفع «آية» بالرفع والتوحيد على الابتداء والخبر ، وكذلك قرئ. «وما يبثّ من دابّة آية» بالتوحيد ، وقرأ زيد بن على وطلحة وعيسى «وتصريف الريح» كذا قال الشيخ. قلت : وقد قرأ بهذه القراءة حمزة والكسائى أيضا.
ينظر : الدر المصون (٦ / ١٢٢ ـ ١٢٥).