عاملين ؛ فإنه بمنزلة تعديتين بمعد واحد ، فلا يجوز.
ثم بينت أن الضمير المنفصل فى عطفه على غيره ، وعطف غيره عليه بمنزلة الظاهر ؛ فيقال : «أنت وزيد صديقان» و «عمرو وأنتما متّفقون» و «إيّاك وخالدا أكرمت» و «لا تصحب إلا أخاك وإيّاى».
فإن كان المعطوف عليه ضميرا متصلا مرفوعا ، فالجيد الكثير أن يؤكد قبل العطف بضمير منفصل كقوله ـ تعالى ـ : (لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [الأنبياء : ٥٤].
أو يفصل بينه وبين العاطف بمفعول أو غيره كقوله ـ تعالى ـ : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ) [الرعد : ٢٣].
وقد يغنى عن الفصل فى الجملة المنفية وقوع «لا» بين العاطف والمعطوف كقوله ـ تعالى ـ : (ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) [الأنعام : ١٤٨].
ولا يمتنع العطف عليه دون فصل ، ومنه ما حكى سيبويه من قول بعضهم : «مررت برجل سواء والعدم» (١).
فعطف «العدم» دون فصل ، ودون ضرورة على ضمير الرفع المستتر فى «سواء» ، ومثله قول جرير : [من الكامل]
ورجا الأخيطل من سفاهة رأيه |
|
ما لم يكن وأب له لينالا (٢) |
وهذا ـ أيضا ـ فعل مختار غير مضطر ؛ لتمكن الشاعر من نصب «وأب» على أن يكون مفعولا معه.
ومثله فى عدم الاضطرار والتكلم بالاختيار قول عمر بن أبى ربيعة : [من الخفيف]
قلت إذ أقبلت وزهر تهادى |
|
كنعاج الملا (٣) تعسّفن رملا (٤) |
__________________
(١) ينظر : الكتاب (١ / ٤٣٥).
(٢) البيت فى ديوانه ص ٥٧ ، والدرر ٦ / ١٤٩ ، وشرح التصريح ٢ / ١٥١ ، والمقاصد النحوية ٤ / ١٦٠ ، وبلا نسبة فى الإنصاف ٢ / ٤٧٦ ، وأوضح المسالك ٣ / ٣٩٠ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٢٩ ، والمقرب ١ / ٢٣٤ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٣٨.
(٣) الملا : الفلاة الواسعة. ينظر : اللسان (ملا).
(٤) البيت فى ملحق ديوانه ص ٤٩٨ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٠١ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٦٥٨ ، وشرح المفصل ٣ / ٧٦ ، واللمع ص ١٨٤ ، والمقاصد النحوية ٤ / ١٦١ ، وبلا ـ