ما هو معهود فى تلك العصور ، ثم تلا ذلك دراسة القراءات القرآنية ، وعلوم الدين واللغة ، وفروعها. وإذا نظرنا فى «طبقات القراء» لابن الجزرى (١) نجده يقول عنه : قد شاع عند كثير من منتحلى العربية أن ابن مالك لا يعرف له شيخ فى العربية ، ولا فى القراءات ، وليس ذلك ، بل أخذ العربية فى بلاده عن ثابت بن خيار ، وحضر عند الأستاذ أبى على الشّلوبين نحو العشرين يوما ...».
ونجد تاج الدين السبكى ذكره أيضا فى «طبقات الشافعية» (٢) ، قال : كان إماما فى القراءات وعللها ، وله الدين المتين ، والتقوى الراسخة ، وذكر له رواية فى الحديث عن العلم السخاوى.
ثابت بن خيار :
هو أبو الحسين ، وقيل : أبو الحسن ، وقيل : أبو المظفر ثابت بن خيار بن ثابت ابن محمد بن يوسف بن خيار الكلاعى ، الغرناطى ، قال فى «نفح الطيب» : كان فاضلا ، ماهرا ، مقرئا ، معروفا بالزهد والفضل والجودة والانقباض ، أقرأ القرآن والعربية والأدب كثيرا ، وروى عن ابن بشكوال ، وبالإجازة عن السّلفى ، وأقرأ القرآن والعربية بـ : جيان وغرناطة. وتوفى بغرناطة سنة ٦٢٨ ه. وقد ذكر السيوطى فى كتابه «بغية الوعاة فى طبقات اللغويين والنحاة» (٣) فى ترجمة ابن مالك : أن أبا حيان الأندلسى قال : إن ثابت بن خيار هذا لم يكن من أئمة النحويين ، بل كان من أئمة المقرئين.
وقد استفاض بين علماء التراجم والنحويين أن أبا حيان اعتاد التحامل على ابن مالك من النحويين ، كما اعتاد التحامل على جار الله الزمخشرى من المفسّرين من قبله ، وكلامه هنا فى ابن مالك لا ينقص من قدره.
ومن المعلوم أن علماء تلك العصور كانوا يجمعون بين القراءات واللغة والنحو
__________________
(١) غاية النهاية فى طبقات القراء ٢ / ١٨١ ، وزاد قوله : «وأخذ عن السخاوى العربية والقراءات ، ولما دخل حلب ، لازم حلقة ابن يعيش ، ثم حضر عند تلميذه ابن عمرون ولزمه ، وكان ذهنه من أصح الأذهان ... إلخ.
(٢) طبقات الشافعية الكبرى فى ترجمة محمد بن عبد الله بن مالك ٥ / ٢٥٧.
(٣) بغية الوعاة ١ / ١٣١ ، وفى النسخة المحققة بتحقيق محمد أبى الفضل إبراهيم ـ ثابت بن حيان بدلا من ثابت بن خيار ، وهو تحريف مخالف لكل ما ثبت فى تراجمه.