ثمّ قال رحمهالله تعالى :
والثّان مبتدأ وذا الوصف خبر |
|
إن في سوى الإفراد طبقا استقر |
يعني : أنّ الوصف المذكور إذا كان مطابقا لمرفوعه في غير الإفراد ـ وهو التثنية والجمع ـ جعل الثّاني ـ وهو الذي كان مرفوعا بالوصف / ـ مبتدأ ، وجعل الوصف خبرا مقدما ، وذلك نحو «أقائمان (١) الزّيدان ، وأقائمون (٢) الزّيدون» ، فـ «الزّيدان ، والزّيدون» مبتدآن خبرهما «قائمان ، وقائمون» ، ولا يجوز أن يكون الوصف المذكور مبتدأ في هذين المثالين لتحمله ضمير الاسم الذي بعده ، وهذا الوصف جار مجرى الفعل ، فلا يثنّى ولا يجمع.
وفهم من قوله : «في (٣) سوى الإفراد» أنّ المطابق (٤) في الإفراد لا يتعيّن فيه كون الثّاني مبتدأ والوصف خبرا ، بل يجوز فيه الوجهان ، وذلك نحو (أَراغِبٌ)(٥) أَنْتَ [مريم : ٤٦] ، فيجوز في «راغب» أن يكون خبرا مقدما ، وأن يكون مبتدأ ، «وأنت» فاعل سدّ مسدّ الخبر ، فإن رجح الأول بأنّ الأصل في المقدّم الابتداء ، عورض بأنّ الأصل في الوصف الخبريّة ، فلمّا تعارض الأصلان تساقطا.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
ورفعوا مبتدأ بالابتدا |
|
كذاك رفع خبر بالمبتدا |
يعني : أنّ الرّافع للمبتدأ هو الابتداء (٦) ، و (٧) هو التّجرّد عن العوامل اللفظية للإسناد (٨).
__________________
خبير بنو لهب فلا تك ملغيا |
|
مقالة لهبيّ إذا الطّير مرّت |
وأجيب بأن «خبير» خبر مقدم ، ولم يطابق ، لأن باب «فعيل» لا يلزم فيه المطابقة.
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٥٧ ، شرح الأشموني : ١ / ١٩٢ ، حاشية الصبان : ١ / ١٩٢ ، شرح الرضي : ١ / ٨٧ ، شرح المرادي : ١ / ٢٧١ ، الهمع : ٢ / ٦ ـ ٧ ، شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٣٣٣.
(١) في الأصل : قائمان. انظر المكودي بحاشية الملوي : ٣١.
(٢) في الأصل : قائمون. انظر المكودي بحاشية الملوي : ٣١.
(٣) في الأصل : من. انظر شرح المكودي : ١ / ٧٦.
(٤) في الأصل : الطابق. انظر شرح المكودي : ١ / ٧٦.
(٥) في الأصل : راغب. انظر شرح المكودي : ١ / ٧٦.
(٦) هذا مذهب سيبويه وأكثر البصريين. وذهب الكوفيون إلى أنّ الرافع له الخبر وأنّ المبتدأ والخبر يترافعان. وقيل : الرافع له التهمم والاعتناء ، وتهممك واعتناؤك به هو جعلك له أولا لفظا أو نية. وقيل : الرافع له شبهه بالفاعل من أنه مخبر عنه كالفاعل ، ولا يستغنى عن الخبر ،