ولم يشترط سيبويه بالابتداء بالنكرة إلّا حصول الفائدة ، وحكى من كلام العرب : «أمت ـ أي : ميل (١) ـ في الحجر لا فيك» (٢) ، وليس فيه شيء من المسوّغات الّتي ذكروها.
__________________
ـ ـ
فأقبلت زحفا على الركبتين |
|
فثوب لبست وثوب أجرّ |
فقوله : «ثوب» مبتدأ ، و «لبست» خبره ، وكذلك «أجر». ٥ ـ أن تكون دعاء ، نحو «سلام على آل ياسين». ٦ ـ أن تكون فيها معنى التعجب ، نحو «ما أحسن زيدا». ٧ ـ أن تكون مصغرة نحو «رجيل عندنا» لأن التصغير فيه فائدة معنى الوصف ، تقديره : رجل حقير عندنا. ٨ ـ أن تكون في معنى المحصور ، نحو «شر أهر ذا ناب» ، و «شيء جاء بك» ، التقدير : ما أهر ذا ناب إلا شر ، وما جاء بك إلا شيء على أحد القولين ، والقول الآخر : أنّ التقدير : شر عظيم ، أهر ذا ناب ، وشيء عظيم جاء بك ، فيكون داخلا في قسم ما جاز الابتداء به لكونه موصوفا ، لأنّ الوصف أعم من أن يكون ظاهرا أو مقدرا ، وهو هنا مقدر. ٩ ـ أن يقع قبلها واو الحال ، كقول الشاعر :
سرينا ونجم قد أضاء فمذ بدا |
|
محيّاك أخفى ضوءه كلّ شارق |
١٠ ـ أن تكون معطوفة على معرفة ، نحو «زيد ورجل قائمان». ١١ ـ أن تكون معطوفة على وصف نحو «تميمي ورجل في الدار». ١٢ ـ أن يعطف عليها موصوف نحو «رجل وامرأة طويلة في الدار». ١٣ ـ أن تقع بعد فاء الجزاء ، كقولهم : «إن ذهب عير فعير في الرهط». ١٤ ـ أن تدخل على النكرة لام الابتداء ، نحو «لرجل قائم». ١٥ ـ أن تكون بعد «كم» الخبرية ، نحو قوله :
كم عمّة لك يا جرير وخالة |
|
فدعاء قد حلبت عليّ عشاري |
وزاد أهل الكوفة في شروط الابتداء بالنكرة : أن تكون خلفا من موصوفها ، أي : صفة في الأصل قد خلفت موصوفها ، نحو «مؤمن خير من مشرك» ، لأنّه في معنى : «عبد مؤمن خير من عبد مشرك».
وزاد الأخفش أن تكون في معنى الفعل ، نحو «قائم زيد» على أن يكون «قائم» مبتدأ و «زيد» فاعل ، وقد سد الفاعل مسد الخبر ، ويكون على هذا مفردا في كل حال ، فتقول : «قائم الزيدان ، وقائم الزيدون».
انظر شرح ابن عقيل : ١ / ٩٨ ـ ٩٩ ، الهمع : ٢ / ٢٩ ـ ٣٠ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٣٤٠ ـ ٣٤١ ، شرح الرضي : ١ / ٨٨ ، شرح الأشموني : ١ / ٢٠٥ ـ ٢٠٨ ، شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٣٦٣ ـ ٣٦٤ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٦٤٣ ـ ٦٤٧ ، الكتاب : ١ / ١٦٥ ـ ١٦٦ ، شرح ابن يعيش : ١ / ٨٦ ـ ٨٧ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٦٨ ـ ١٦٩ ، الإيضاح لابن الحاجب : ١ / ١٨٤ ـ ١٨٦ ، البهجة المرضية : ٤٣.
(١) في الأصل : نبل.
(٢) انظر الكتاب : ١ / ١٦٦ ، شرح المكودي : ١ / ٨٢ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٣٤٣ ، شرح المرادي : ١ / ٢٨١ ، شرح ابن عقيل : ١ / ٩٧ ـ ٩٨ ، شرح الهواري : (٤١ / أ). ومعنى «الأمت» العوج. أي : ليكن الاعوجاج في الحجر لا فيك ، ومعناه : أبقاك الله بعد فناء الحجارة ، وهي مما توصف بالخلود والبقاء. قال السيرافي : وجعله سيبويه إخبارا محضا ،