ومنه قولهم : «النّاس مجزيّون بأعمالهم ، إن خيرا فخير ، وإن شرّا فشرّ» (١) أي : إن كان عملهم خيرا فجزاؤهم خير ، وإن كان عملهم شرّا فجزاؤهم شرّ.
ويجوز : «إن خير فخيرا» ، برفع الأوّل على أنّه اسم لـ «كان» المحذوفة مع خبرها ، ونصب الثّاني على أنّه مفعول ثان لفعل محذوف ، أي : إن كان في عملهم خير فيجزون خيرا.
ويجوز نصبهما معا بتقدير : إن كان عملهم خيرا فيجزون خيرا ، ورفعهما معا بتقدير : إن كان في عملهم خير فجزاؤهم خير.
والوجه الأوّل أرجحها ، والثّاني أضعفها ، والأخيران متوسّطان (٢)(٣).
ومثال حذفها بعد «لو» قوله صلىاللهعليهوسلم : «احفظوا عنّي ولو آية» (٤) أي : ولو كان المحفوظ آية.
__________________
(١) وذكر ابن مالك هذا القول في شرح الكافية وشواهد التوضيح بلفظ «المرء مجزيّ بعمله إن خيرا ...» وعدّه حديثا ، ولم أجده فيما اطلعت عليه من كتب الحديث المعتمدة. وقال الصبان : قال شيخنا السيد : «المرء مجزيّ بعمله» ليس حديثا وإن صح معناه ـ قاله القليوبي ، ولذلك حكاه الحافظ في الهمع بلفظ «قيل» وكذا غيره ، وهذا يفيد أنّه لم يرد مطلقا ، ويؤيده تعبير صاحب التوضيح بقوله : «وقولهم : الناس مجزيون ... الخ وكذا في همع السيوطي». انتهى. وروي في المسائل العضديات : «المرء مجزيّ بفعله إن ... الخ».
انظر الكتاب : ١ / ١٣٠ ، الهمع : ٢ / ١٠٣ ، شرح المرادي : ١ / ٣٠٧ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٩٣ ، الأشموني مع الصبان : ١ / ٢٤٢ ، شرح الهواري : (٤٨ / أ) ، شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٤١٨ ، حاشية الخضري : ١ / ١١٧ ، شواهد التوضيح لابن مالك : ٧١ ، الإيضاح لابن الحاجب : ١ / ٣٨٠ ، الخزانة : ٤ / ١٠ ، البهجة المرضية : ٥٠ ، شرح ابن الناظم : ١٤٢ ، المسائل العضديات : ١٨١ ، المفصل : ٧٢.
(٢) في الأصل : متوسطا. انظر التصريح : ١ / ١٩٣.
(٣) أما الأول : فلأن فيه إضمار «كان» واسمها بعد «إن» وإضمار المبتدأ بعد فاء الجزاء ، وكلاهما كثير مطرد. وأما الثاني : فلأن فيه حذف «كان» وخبرها بعد «إن» ، وحذف فعل ناصب بعد الفاء ، وكلاهما قليل غير مطرد. وأما الأخيران : فلأن في كل منهما الأقوى والأضعف ، ففي نصبهما قوة نصب الأول ، وضعف نصب الثاني ، وفي رفعهما قوة رفع الثاني وضعف رفع الأول ، فتساويا قاله ابن الضائع.
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٩٣ ، الهمع : ٢ / ١٠٣ ، شرح المرادي : ١ / ٣٠٧ ، شرح الأشموني : ١ / ٢٤٢ ـ ٢٤٣ ، شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٤١٩ ، شرح الهواري (٤٨ / أ).
(٤) الحديث برواية : «بلّغوا عنّي ولو آية» في صحيح البخاري : ٤ / ٢٠٧ (كتاب الأنبياء / باب ما ذكر عن بني إسرائيل) ، مسند أحمد : ٢ / ١٥٩ ، سنن الترمذي حديث رقم : ٢٦٦٩ ، الدر المنثور : ٣ / ٧ ، كنز العمال رقم : ٢٩١٧٥ ، فتح الباري : ٦ / ٤٩٦. وهو برواية المؤلف في شرح المكودي : ١ / ٩٣.