ثمّ قال رحمهالله تعالى :
ومن مضارع لكان منجزم |
|
تحذف نون وهو حذف ما التزم |
إذا دخل الجازم على مضارع (١) «كان» ـ وهو «يكون» ـ سكنت نونه ، وحذفت الواو لالتقاء الساكنين ، فتقول : «لم يكن».
ويجوز بعد ذلك أن تحذف نونه تخفيفا وصلا (٢) لا وقفا ، نصّ على ذلك ابن خروف (٣) وذلك بشرط كونه مجزوما بالسكون غير متّصل بضمير نصب ولا بساكن ، نحو (وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا)(٤) [مريم : ٢٠].
بخلاف (مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ) [الأنعام : ١٣٥] ، (وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ) [يونس : ٧٨] لانتفاء الجزم فيهما ، لأنّ الأوّل مرفوع ، والثّاني منصوب.
وبخلاف (وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ) [يوسف : ٩] ، لأنّ جزمه بحذف النّون.
وبخلاف نحو «إن يكنه فلن تسلّط (٥) عليه» (٦) ، لاتّصاله بالضّمير المنصوب.
__________________
(١) في الأصل : المضارع. انظر شرح المكودي : ١ / ٩٤.
(٢) في الأصل : تحقيقا أوصلا. انظر التصريح : ١ / ١٩٦.
(٣) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٩٦ ، إرشاد الطالب النبيل : (١١٧ / ب). وابن خروف هو علي بن محمد بن علي بن محمد الحضرمي الرندي الإشبيلي الأندلسي المعروف بابن خروف النحوي ، أبو الحسن ، عالم بالعربية ، ولد سنة ٥٢١ ه ، وتوفي بإشبيلية سنة ٦٠٦ ه (وقيل : ٦٠٥ ، وقيل : ٦٠٣ ، وقيل غير ذلك) من مؤلفاته : شرح كتاب سيبويه ، شرح جمل الزجاجي ، تنقيح الألباب في شرح غوامض الكتاب ، وغيرها.
انظر ترجمته في بغية الوعاة : ٣٥٤ ، معجم الأدباء : ١ / ٧٥ ، فوات الوفيات : ٢ / ٧٩ ، مرآة الجنان : ٤ / ٢١ ، الأعلام : ٤ / ٣٣٠ ، هدية العارفين : ١ / ٧١٤ ، معجم المؤلفين : ٧ / ٢٢١.
(٤) (قالُوا أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ ، وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ.)
(٥) في الأصل : يسلط. انظر التصريح : ١ / ١٩٦.
(٦) روى البخاريّ في صحيحه (٢ / ١١٧ ، ٤ / ٨٦) أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم قال لعمر رضياللهعنه في ابن صيّاد : «إن يكنه فلن تسلّط عليه وإن لم يكنه فلا خير لك في قتله». وانظر فتح الباري : ٣ / ٢١٨ ، صحيح مسلم رقم : ٢٩٣٠. وروي في فتح الباري (٦ / ١٧٣) : «إن يكنه فلن تسلّط عليه وإن لم يكن هو فلا خير لك في قتله» ، وروي في سنن الترمذي (٤ / ٥١٩) : «إن يك حقّا فلن تسلّط عليه وإن لا يكنه فلا خير لك في قتله» ، وفي مسند أحمد (٢ / ١٤٨) : «إن يكن هو فلن تسلّط عليه وإلّا يكن هو فلا خير لك في قتله». والحديث برواية المؤلف في شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٢٣١ ، الهمع : ٢ / ١٠٧ ، البهجة المرضية : ٢٤ ، شرح الأشموني : ١ / ٢٤٥ ، شرح ابن عقيل : ١ / ١١٨ ، شواهد التوضيح لابن مالك : ٢٨ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٩٦.