يعني : أنّ المعطوف بـ «لكن» ، أو بـ «بل» على المنصوب بـ «ما» (١) يلزم رفعه ، لأنّ المعطوف بهما موجب ـ بفتح الجيم ـ ، و «ما» لا تعمل في الموجب ، فتقول : «ما زيد قائما لكن قاعد ، وما عمرو منطلقا بل مقيم».
ويجوز في تسمية ما بعد «بل» و «لكن» معطوفا ، وإنّما هو خبر مبتدأ محذوف ، والتّقدير : لكن هو قاعد ، وبل هو مقيم.
وفهم من تخصيصه العطف بـ «لكن» ، و «بل» : أنّ العطف إذا كان بغيرهما من حروف العطف ينصب المعطوف (٢).
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وبعد ما وليس جرّ البا الخبر |
|
وبعد لا ونفي كان قد يجر |
يعني : أنّ «باء» الجرّ تدخل على خبر «ما» نحو (وَما)(٣) ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ [إبراهيم : ٢٠] ، وخبر «ليس» في غير الاستثناء ، نحو (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) [الزمر : ٣٦] ، وهو كثير ، وهذه الباء زائدة لتوكيد النّفي ، وتزاد أيضا لأجله في خبر «لا» ، نحو قول سواد بن قارب (٤) :
٤١ ـ فكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة |
|
بمغن ... |
__________________
(١) في الأصل : بها. انظر شرح المكودي : ١ / ٩٥.
(٢) في الأصل : المعطو. انظر شرح المكودي : ١ / ٩٥.
(٣) في الأصل : الواو. ساقط. انظر شرح المكودي : ١ / ٩٥.
(٤) هو سواد بن قارب الأزدي الدوسي ، أو السدوسي ، كاهن شاعر في الجاهلية ، صحابي في الإسلام ، له أخبار ، عاش إلى خلافة عمر رضياللهعنه ، ومات بالبصرة ، حوالي سنة ١٥ ه.
انظر الإصابة ترجمة رقم : ٣٥٧٦ ، الروض الأنف للسهيلي : ١ / ١٣٩ ، عيون الأثر : ١ / ٧٢ ، الأعلام : ٣ / ١٤٤ ، الشواهد الكبرى : ٢ / ١١٤.
٤١ ـ من الطويل لسواد ، من قصيدة له يذكر فيها قصة ربيء له من الجن ، ويخاطب بها النبي صلىاللهعليهوسلم ، وتمامه :
فكن لي شفيعا لا ذو شفاعة |
|
بمغن قتيلا عن سواد بن قارب |
ويروى : «وكن» بدل «فكن». والفتيل : الخيط الأبيض الرقيق الذي يكون في شق النواة.
وقتيلا : نصب على أنّه مفعول «مغن» ، والأصل : قدر قتيل. والشاهد في قوله : «بمغن» حيث دخلت فيه الباء الزائدة في خبر «لا» النافية ، وهو قليل ، وهذه الباء لدفع توهم الإثبات عند البصريين ، لأنّ السامع قد لا يسمع أول الكلام ، وعند الكوفيين لتأكيد النفي. وقيل : إنّما زيد الحرف سواء كان الباء أو غيرها لاتساع دائرة الكلام ، إذ ربما لا يتمكن المتكلم من نظمه وسجعه إلا بزيادة الحرف.
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٢٠٢ ، ٢ / ٤١ ، الشواهد الكبرى : ٢ / ١١٤ ، ٣ / ٤١٧ ،