والفرّاء وحده (١) : كون العامل «إنّ ، وأنّ ، ولكنّ» ، بل أجازه في سائرها (٢).
ثم قال رحمهالله تعالى :
وخفّفت إنّ فقلّ العمل |
|
وتلزم اللام إذا ما تهمل |
وربّما استغني عنها إن بدا |
|
ما ناطق أراده معتمدا |
يعني : أنّ «إنّ» المكسورة إذا خفّفت قلّ عملها ، وذلك لزوال اختصاصها ، نحو قوله عزوجل : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ)(٣) [هود : ١١١] ، وفهم منه أنّ
__________________
بالرفع على محل (الَّذِينَ آمَنُوا) قبل استكمال الخبر وهو «من آمن بالله واليوم الآخر» ، وقول الشاعر :
فمن يك أمسى في المدينة رحله |
|
فإنّي وقيّار بها لغريب |
فعطف «قيار» بالرفع على محل ياء المتكلم ، قبل استكمال الخبر ، وهو «لغريب». وهذا مذهب الكوفيين ، ثم إنّهم اختلفوا بعد ذلك. فذهب الكسائي إلى جوازه في كل حال سواء كان يظهر فيه عمل «إنّ» أو لم يظهر وذلك نحو قولك : «إنّ زيدا وعمرو قائمان» و «إنّك وبكر منطلقان». وذهب الفراء إلى أنّه لا يجوز ذلك إلا فيما لم يظهر فيه عمل «إنّ».
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٢٢٨ ، الإنصاف (مسألة : ٢٣) : ١ / ١٨٥ ، شرح الأشموني : ١ / ٢٨٦ ، شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٥١٢ ، شرح المرادي : ١ / ٣٤٧ ـ ٣٤٨ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٤٥٠ ، ٤٥٢ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ١٥٩ ، حاشية الخضري : ١ / ١٣٧ ، الهمع : ٥ / ٢٩١.
(١) أي : ولم يشترط الفراء وحده.
(٢) تمسكا بنحو قول الشاعر :
يا ليتني وأنت يا لميس |
|
في بلد ليس به أنيس |
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٢٨٧ ، شرح المرادي : ١ / ٣٤٩ ، شرح الأشموني : ١ / ٢٨٧ ، شرح ابن عقيل : ١ / ١٣٧ ، شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٥١٢ ، الهمع : ٥ / ٢٩٢.
(٣) هذا مذهب البصريين ، قال سيبويه : «وحدثنا من نثق به أنّه سمع من العرب من يقول : إنّ عمرا لمنطلق». انتهى. وذهب الكوفيون إلى أنّ المشددة لا تخفف أصلا ، و «أن» المخففة إنّما هي حرف ثنائي الوضع وهي النافية ، فلا عمل لها البتة ولا توكيد فيها ، واللام بعدها للإيجاب بمعنى «إلّا» ويجيزون دخولها على الفعل الناسخ وغيره. وذهب الكسائي إلى أنّها إن دخلت على الاسم كانت مخففة من المشددة عاملة ـ كما قال البصريون ـ وإن دخلت على الفعل كانت للنفي واللام بمعنى «إلّا» ـ كما قال الكوفيون ـ. وذهب الفراء إلى أنّ «إن» المخففة بمنزلة «قد» إلا أنّ «قد» تختص بالأفعال و «إن» تدخل عليها وعلى الأسماء. قال السيوطي : وكل ذلك لا دليل عليه ، ومردود بسماع الإعمال ، نحو (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ ، إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) قرئا بالنصب ، وسمع «إنّ عمرا لمنطلق». انتهى.
انظر الهمع : ٢ / ١٨٣ ـ ١٨٤ ، الكتاب : ١ / ٢٨٣ ، الإنصاف (مسألة : ٢٤) : ١ / ١٩٥ ، الجنى الداني : ٢٠٩ ، شرح المرادي : ١ / ٣٥١ ، مغني اللبيب : ٣٦ ، شرح الرضي : ٢ / ٣٥٨ ، شرح