ومثال التعليق قوله تعالى : (يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) [سبأ : ٧] ، فـ «الكاف والميم» مفعول أوّل ، وجملة «إنّكم لفي خلق جديد» في محلّ نصب سدّت مسدّ المفعول الثّاني والثّالث ، والفعل معلّق عن الجملة باللام.
ومنع الشّلوبين الإلغاء والتّعليق مطلقا (١) ، والجزوليّ (٢) في المبنيّ للفاعل (٣) ، والحجّة عليهما ما مثّلنا به.
ومثال حذف المفعولين ، والاقتصار على الأوّل : «أعلمت زيدا» ، ولا تذكر من أعملت به ، لأنّ الفائدة لا تنعدم في الاقتصار عليه (٤) ، ومنعه سيبويه (٥) ، وغيره (٦)(٧).
__________________
(١) أي : سواء كان مبنيا للفاعل أم للمفعول.
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٢٦٦ ، إرشاد الطالب النبيل (٥٥ / أ) ، وفي الهمع (٢ / ٢٤٨) : ومنع قوم الإلغاء والتعليق هنا ، سواء بنيت للفاعل أم للمفعول ، وعليه ابن القواس وابن أبي الربيع ، لأنّ مبني الكلام عليهما ، ولا يجي «بعد ما مضى الكلام على الابتداء». وفي التوطئة (٢٠٧) قال الشلوبين : فهذه ـ يقصد أعلم وأرى وما بمعنى أعلم ـ لا يجوز فيها الإلغاء ولا التعليق إلّا في «أرى» التي بمعنى «أظن». انظر الهمع : ٢ / ٢٤٩.
(٢) هو عيسى بن عبد العزيز بن يللبخت الجزولي ، المراكشي ، البربري ، أبو موسى ، عالم بالنحو واللغة ، أخذ العربية عن عبد الله بن بري المصري ، وتصدر بالمرية والجزائر لإقراء النحو ، وتوفي بأزمور من ناحية مراكش سنة ٦١٠ ه (وقيل : ٦٠٧ ، وقيل : ٦٠٦ ، وقيل : ٦١٦ ه).
من آثاره : المقدمة في النحو ، شرح إيضاح الفارسي ، شرح قصيدة بانت سعاد ، شرح أصول السراج ، وغيرها.
انظر ترجمته في بغية الوعاة : ٣٦٩ ، مرآة الجنان : ٤ / ١٩ ، روضات الجنات : ٥٠٨ ، تاريخ ابن الوردي : ٢ / ١٣٢ ، معجم المؤلفين : ٨ / ٢٧ ، الأعلام : ٥ / ١٠٤.
(٣) وذلك لما فيه من إعمالها في المفعول الأول ، وإلغائها بالنسبة إلى الأخيرين ، وذلك تناقض ، لأنّه حكم بقوة وضعف معا ، بخلاف ما إذا بنيت للمفعول به. ومنع آخرون التعليق دون الإلغاء وعليه الأكثرون. انظر المقدمة الجزولية للجزولي ، وانظر الهمع : ٢ / ٢٤٨ ـ ٢٤٩ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٢٦٦ ، شرح المرادي : ١ / ٣٩٥ ، إرشاد الطالب النبيل (١٥٥ / أ) ، شرح الرضي : ٢ / ٢٨٥.
(٤) إذ يراد الإخبار بمجرد العلم به ، وبمجرد إعلام الشخص المذكور ، وهو قول أبي العباس وأبي بكر وابن كيسان ، وخطاب وابن أبي الربيع وابن مالك والأكثرين.
انظر : التصريح على التوضيح : ١ / ٢٦٥ ، الهمع : ٢ / ٢٥٠ ، أصول ابن السراج : ٢ / ٢٨٥ ، التسهيل : ٧٤.
(٥) قال سيبويه في الكتاب (١ / ١٩) : «هذا باب الفاعل الذي يتعداه فعله إلى ثلاثة مفعولين ولا يجوز لك أن تقتصر على مفعول واحد منهم دون الثلاثة ، لأنّ المفعول ههنا كالفاعل في