وهذه الشّروط كلّها مستفادة من قوله : «وقابل» فإنّك إذا رمت إسناد الفعل إلى أحد هذه الأشياء تعذّر ذلك.
فمثال ما توفّرت فيه شروط النّيابة / : «سير بزيد يومين فرسخين سيرا شديدا» إن أقمت المجرور (١) ، و «سير بزيد يومان فرسخين سيرا شديدا» إن أقمت ظرف (الزّمان ، و «سير بزيد يومين فرسخان سيرا شديدا» إن أقمت ظرف) (٢) المكان ، و «سير بزيد يومين فرسخين سير شديد» إن أقمت المصدر.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
ولا ينوب بعض هذي إن وجد |
|
في اللّفظ مفعول به وقد يرد |
اعلم أنّه إذا اجتمع مع المفعول به أحد هذه الأربعة المذكورة ـ فلا ينوب أحد منها بحضرته ، هذا هو مذهب البصريين ، ومذهب الكوفيين : أنّه يجوز أن ينوب كلّ واحد منها بحضرة المفعول به (٣) ، وبه أخذ النّاظم (٤) ، وإلى ذلك أشار بقوله : «وقد يرد» ، وفهم منه أنّ ذلك قليل ، سواء تأخّر النّائب عن المفعول به أو تقدّم.
فالأوّل : كقراءة أبي جعفر (٥) : (لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ)(٦)
__________________
(١) في الأصل : أل المجرورة. انظر شرح المكودي : ١ / ١٣٣.
(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ١٣٣.
(٣) انظر الخلاف في التصريح على التوضيح : ١ / ٢٩٠ ، التسهيل : ٧٧ ، الهمع : ٢ / ٢٦٥ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ٦٠٩ ، شرح الأشموني : ٢ / ٦٧ ، شرح المرادي : ٢ / ٣٢ ، شرح المكودي : ١ / ١٣٣ ، شرح ابن عقيل : ١ / ١٧١ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٦٣٥ ـ ٦٣٦ ، شرح الرضي : ١ / ٨٤ ـ ٨٥.
(٤) قال ابن مالك في التسهيل (٧٧) : «ولا تمنع نيابة المنصوب لسقوط الجار مع وجود المنصوب بنفس الفعل ، ولا نيابة غير المفعول به وهو موجود وفاقا للأخفش والكوفيين».
وانظر شرح المرادي : ٢ / ٣٢ ، شرح المكودي : ١ / ١٣٣ ، الهمع : ٢ / ٢٦٥.
(٥) هو يزيد بن القعقاع المخزومي بالولاء المدني ، أبو جعفر ، أحد القراء العشرة ، روى القراءة عن نافع ، وهو من التابعين ، كان إمام أهل المدينة في القراءة ، وعرف بالقارئ ، وكان من المفتين المجتهدين ، توفي بالمدينة سنة ١٣٢ ه (وقيل : ١٣٠ ه على الأصح).
انظر ترجمته في طبقات القراء : ٢ / ٣٨٢ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ٥ / ١٨٨ ، النشر في القراءات العشر : ١ / ١٧٨ ، الأعلام : ٨ / ١٨٦.
(٦) وهي بضم الياء وفتح الزاي من «ليجزى» وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي ، وخلف «لنجزي» بالنون وكسر الزاي وفتح الياء على إخبار الله عن نفسه ، أي : نحن نجزي. وقرأ الباقون بالياء وبالبناء للفاعل أي : ليجزي الله. وقرأ بعضهم : «ليجزينّ» بفتح الياء ، وكسر الزاي. وقال أبو إسحاق في قراءة أبي جعفر «ليجزى» بالبناء للمفعول ، هو لحن عند الخليل وسيبويه وجميع