ثمّ قال رحمهالله تعالى :
في باب ظنّ وأرى المنع اشتهر |
|
ولا أرى منعا إذا القصد ظهر |
يعني : أنّ نيابة المفعول الثّاني من باب «ظنّ» ـ وهو ما هو خبر في الأصل ـ والمفعول الثّاني من باب «أعلم» ـ وأصله المبتدأ ـ اشتهر عند النّحويين منعه. ووجه منعه في «ظنّ» أنّه خبر في الأصل ، والنّائب عن الفاعل مخبر عنه ، فتنافيا ، ووجه منعه في «أعلم» أنّ المفعول الأوّل مفعول به حقيقة ، فينزّل المفعول الثّاني والثّالث مع الأوّل منزلة الظّرف والمجرور مع وجود المفعول به.
وذهب بعضهم إلى إجازة نيابتهما ، وهو اختيار النّاظم (١) ، وإلى ذلك أشار بقوله :
ولا أرى منعا إذا القصد ظهر
وظهور القصد : هو عدم اللّبس ، فيجوز عنده : «ظنّ زيدا قائم» ، و «أعلم زيدا (٢) فرسه مسرجا».
وفهم من سكوته عن المفعول الأوّل من باب «ظنّ ، وأعلم» أنّه يجوز نيابتهما بلا خلاف ، ومن ذكره الخلاف في نيابة الثّاني من باب «أرى» أنّه لا يجوز نيابة الثّالث ، كما قاله ابن النّاظم ، تبعا للخضراويّ (٣) ، والصّحيح جواز
__________________
(١) وفاقا لابن طلحة وابن عصفور في المفعول الثاني من باب «ظن» ، ولقوم في المفعول الثاني من باب «أرى» وذلك إذا أمن اللبس ، ولم يكن جملة ولا ظرفا ، مع أنّ الأحسن إقامة الأول نحو «ظننت طالعة الشمس» ، و «اعلم زيدا كبشك سمينا» والمنع إن ألبس ، نحو «ظننت صديقك زيدا» ، و «اعلم بشرا زيد قائما» أو كان جملة أو ظرفا نحو «ظن في الدار زيدا» ، و «ظن زيدا أبوه قائم» ، و «اعلم زيدا غلامك في الدار» ، و «اعلم زيدا غلامك أخوه سائر».
انظر شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ٦١٠ ، شرح الأشموني : ٢ / ٦٩ ، شرح المكودي : ١ / ١٣٤ ، الهمع : ٢ / ٢٦٣ ـ ٢٦٤ ، شرح المرادي : ٢ / ٣٤ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٥٣٨.
(٢) في الأصل : زيد. انظر شرح المكودي : ١ / ١٣٤.
(٣) وابن أبي الربيع أيضا. وبه قال ابن عصفور. قال ابن الناظم في شرحه (٢٣٦) : «وإذا بني فعل ما لم يسمّ فاعله من متعد إلى ثلاثة مفاعيل ناب الأول منها عن الفاعل ، نحو «أرى زيد أخاك مقيما» ، ولم يجز نيابة الثالث باتفاق». انتهى. وحجتهم في ذلك بأنّ المفعول الأول صريح والآخران مبتدأ وخبر ، شبها بمفعولي «أعطى» ، وبأنّ السماع إنّما جاء بإنابة الأول ، كقوله :
ونبّئت عبد الله بالجوّ أصبحت |
|
كراما مواليها لئيما صميمها |
وعبارة التسهيل ـ «ولا يمنع نيابة غير الأول من المفعولات مطلقا إن أمن اللبس ولم يكن جملة أو شبهها ـ تقتضي جوازه.