فـ «مغيثا» ـ من الإغاثة ، بالمثلّثة (١) ـ ، و «مغنيا» ـ من الإغناء ، ضدّ الافتقار (٢) ـ تنازعا «من» الموصولة ، فكلّ منهما يطلبها من جهة المعنى على المفعوليّة ، وأعمل الثّاني لقربه ، وأعمل الأوّل في ضميره وحذفه ، والأصل : مغيثه.
والمختلفين ، كقوله تعالى : (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ) [الحاقة : ١٩] ، فـ «ها» اسم فعل بمعنى «خذ» ، و «الميم» حرف يدلّ على الجمع ، و «اقرؤوا» فعل أمر ، تنازعا «كتابيه» ، وأعمل الثّاني لقربه ، وحذف من الأوّل ضمير المفعول ، والأصل : هاؤموه.
ومعنى «اقتضيا» : طلبا ، فخرج به نوعان :
أحدهما : أن يكون أحد العاملين لا يقتضي عملا في المتنازع (٣) فيه ، كقول امرئ القيس (٤) :
١٠١ ـ فلو أنّ ما أسعى لأدنى معيشة |
|
كفاني ولم أطلب قليل من المال |
__________________
يجيره من فلان إذا استجاره وأنقذه منه. قوله : «إلا فناءك» أي : إلا كنفك وجوارك ، وأصل «الفناء» ما امتد من الدار من جوانبها. موئلا : ملجأ. والشاهد على أن «مغيثا مفنيا» اسمان تنازعا في قوله «من أجرته» ، لأن كلا منهما يستدعي أن يعمل فيه.
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٣١٦ ، الشواهد الكبرى : ٣ / ٢ ، شرح الأشموني : ٢ / ٩٩ ، المكودي مع ابن حمدون : ١ / ١٤٣ ، حاشية الخضري : ١ / ١٨٢ ، شرح ابن الناظم : ٢٥٣ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ٦٤٢ ، شرح اللمحة لابن هشام : ٢ / ١١٨ ، أوضح المسالك : ٩٨ ، فتح رب البرية : ٢ / ٨٦ ، الدرة المضية للأنباسي (رسالة ماجستير) : ٢٦.
(١) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٣١٦ ، الشواهد الكبرى : ٣ / ٢ ، اللسان : ٥ / ٢٣١٢ (غوث). والاستغاثة طلب الغوث وهو التخليص من الشدة والنقمة والعون على الفكاك من الشدائد. انظر تاج العروس : ١ / ٦٣٦ (غوث).
(٢) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٣١٦ ، اللسان : ٥ / ٣٣٠٨ (غنى) ، وفي الشواهد الكبرى (٣ / ٢) : و «مغنيا» من أغناه عن الشيء إذا كفاه همه عنه.
(٣) في الأصل : التنازع. انظر شرح المكودي : ١ / ١٤٤.
(٤) هو امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي ، من بني آكل المرار ، أشهر شعراء العرب ، يماني الأصل ، ولد في حدود سنة ١٣٠ ق. ه ، اشتهر بلقبه ، واختلف في اسمه ، فقيل : حندج ، وقيل : مليكة ، وقيل : عدي ، وكان أبوه ملك أسد وغطفان ، وأمه أخت المهلهل الشاعر ، ومعلقته أشهر من أن يعرف بها ، أخباره كثيرة ، توفي في أنقرة سنة ٨٠ ق. ه ، وجمع بعض شعره في ديوان صغير.
انظر ترجمته في الأغاني : ٩ / ٧٧ ، الأعلام : ٢ / ١٢ ، معجم المؤلفين : ٢ / ٣٢٠ ، الخزانة : ١ / ٣٢٩ ، ٨ / ٥٤٦ ، شواهد المغني : ١ / ٢١ ، ٣٤٤ ، ٢ / ٧١٥.
١٠١ ـ من الطويل لامرئ القيس من قصيدة له في ديوانه (٣٩) ، وبعده :
ولكنما أسعى لمجد مؤثل |
|
وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي |
ويروى : «ولو أن» بدل «فلو أن» قال العيني : «والرواية الصحيحة «ولو» بالواو». والشاهد