ثمّ مثّل بظرفين :
أحدهما : مكان ، وهو «هنا».
والآخر : زمان ، وهو «أزمنا» جمع «زمان».
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
فانصبه بالواقع فيه مظهرا |
|
كان وإلّا فانوه مقدّرا |
بيّن في هذا البيت أنّ حكم الظّرف النّصب ، وأنّ النّاصب له الواقع فيه من فعل ، أو ما في معناه ، نحو «قعدت أمامك ، وسرّني قدومك يوم الجمعة ، وأنت سائر غدا» ، وأنّ العامل فيه يكون ظاهرا ، ويكون مقدّرا /.
وأطلق في المقدّر ، فشمل المقدّر جوازا نحو «يوم الجمعة» لمن قال : «متى (قدمت) (١)» ، ووجوبا إذا وقع خبرا لذي خبر ، كـ «زيد عندك» ، أو صلة ، كـ «سار الذّي هنا» ، أو صفة ، كـ «رأيت طائرا فوق غصن» ، أو حالا ، كـ «شاهدت الهلال بين السّحاب».
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وكلّ وقت قابل ذاك وما |
|
يقبله المكان إلّا مبهما |
نحو الجهات والمقادير وما |
|
صيغ من الفعل كمرمى من رمى |
وشرط كون ذا مقيسا أن يقع |
|
ظرفا لما في أصله معه اجتمع |
يعني : أنّ أسماء الزّمان كلّها قابلة للظرفية مبهمها ، ومختصّها.
فالمبهم منها : ما دلّ على زمان غير معيّن ، نحو «وقت ، وحين».
والمختصّ : ما ليس بمبهم ، كأسماء الشّهور والأيّام ، وما عرّف بـ «أل» ، والمعدود.
وفهم أنّ مراده بكلّ وقت ـ المبهم والمختصّ من قوله :
... وما |
|
يقبله (٢) المكان إلّا مبهما |
إذ ليس في مقابلة المبهم إلا المختصّ.
يعني : أنّ أسماء المكان لا يقبل الظّرفية منها إلا المبهم.
وفهم منه : أنّ المختصّ لا يقبلها.
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ١٥٤.
(٢) في الأصل : يقبلى. انظر الألفية : ٧١.