والمختصّ من أسماء المكان : ما له صورة ، وحدود محصورة ، نحو «الدّار ، والمسجد ، والجبل» ، والمبهم : ما ليس كذلك.
وإنّما استأثرت أسماء الزّمان بصلاحية المبهم منها والمختصّ للظّرفية (١) على أسماء المكان ، لأنّ أصل (٢) العوامل / الفعل ، ودلالته على الزّمان أقوى من دلالته على المكان ، لأنّه يدلّ على الزّمان بصيغته وبالالتزام ، وعلى المكان بالالتزام فقط.
ثمّ شرع في بيان المبهم ، فذكر ثلاثة أنواع :
الأوّل : الجهات الستّ ، نحو «أمام ، وخلف ، وفوق ، وتحت ، ويمين ، وشمال».
الثاني : المقادير ، نحو «فرسخ ، وميل ، وبريد» (٣).
الثالث : ما صيغ من الفعل ، كـ «مرمى ، ومذهب».
وظاهر قوله : «كمرمى من رمى» أنّ «مرمى» صيغ من لفظ «رمى» ، وليس كذلك (٤).
ولا يصحّ أن يحمل الفعل هنا على الفعل الاصطلاحيّ ، بل على الفعل اللّغويّ ، وهو المصدر ، فيكون قوله : «من رمى» على حذف مضاف ، أي : مصدر «رمى» (٥).
__________________
(١) في الأصل : بالظرفية. انظر التصريح : ١ / ٣٤٢.
(٢) في الأصل : الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ١٥٥.
(٣) الفرسخ : ثلاثة أميال أو ستة ، سمي بذلك لأن صاحبه إذا مشى قعد واستراح من ذلك ، فكأنه سكن ، وهو واحد الفراسخ ، فارسي معرب. والميل من الأرض : قدر منتهى مد البصر ، والجمع أميال وميول ، وقيل للأعلام المبنية في طريق مكة أميال ، لأنها بنيت على مقادير مد البصر من الميل إلى الميل ، وكل ثلاثة أميال فرسخ. والبريد : فرسخان ، وقيل : ما بين كل منزلين بريد.
انظر اللسان : ٥ / ٣٣٨١ (فرسخ) ، ٦ / ٤٣١١ (ميل) ، ١ / ٢٥٠ (برد).
(٤) انظر شرح المكودي : ١ / ١٥٥ ، وفي شرح المرادي (٢ / ٩٣) : فإن قلت : ما يعني بالفعل في قوله : «وما صيغ من الفعل». قلت : ظاهر كلامه أنه الفعل الصناعي ، كقوله : «مرمى» من «رمى» ، وليس ذلك بجيد ، لأنه لم يصغ من الفعل ، وإنما صيغ من المصدر ، وإن حمل على الفعل اللغوي وهو المصدر فهو صحيح ، لولا أن قوله : «من رمى» يبعده.
(٥) انظر شرح المكودي : ١ / ١٥٥ ، شرح المرادي : ٢ / ٩٣ ، قال الأزهري في إعراب الألفية (٥٥) : «ومن رمى» : متعلق بحال محذوفة على تقدير مضاف بين «من» ومجرورها على عادته ، والتقدير : الذي صيغ من الفعل الحقيقي كـ «مرمى» حال كونه مشتقا من مصدر