وما صيغ من الفعل لا ينصبه إلّا ما اجتمع معه في الأصل ، وإلى ذلك أشار بقوله :
وشرط كون ذا مقيسا ... |
|
... البيت |
يعني : أنّ شرط القياس في نصب هذا النّوع ـ وهو المشتقّ ـ أن ينصبه عامل اجتمع معه في الأصل المشتقّ منه ، نحو «رميت مرمى».
وشمل قوله : «لما في أصله» الفعل ، وغيره ممّا اشتقّ من المصدر ، نحو «أنا رام مرمى ، وأعجبني جلوسك مجلسا».
وفهم من قوله : «وشرط كون ذا مقيسا» أنّ العامل فيه قد يكون غير مجتمع معه في الأصل المشتقّ منه ، وأنّ ما نصبه عامل من غير (ما) (١) ذكر غير مقيس ، وذلك نحو قولهم : «زيد منّي مزجر الكلب ، ومقعد القابلة ، ومناط الثّريّا» ، والعامل في هذه الاستقرار ، وليس ممّا / اجتمع معه في الأصل ، ولو عمل في «مزجر» : «زجر» وفي «مقعد» : «قعد» ، وفي «مناط» : «ناط» لكان مقيسا.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وما يرى ظرفا وغير ظرف |
|
فذاك ذو تصرّف في العرف |
وغير ذي التّصرّف الذّي لزم |
|
ظرفيّة أو شبهها من الكلم |
يعني : أنّ ما يستعمل من أسماء الزّمان والمكان ظرفا تارة ، وغير ظرف أخرى ، فإنّه يسمّى في عرف النّحويين واصطلاحهم : متصرّفا ، نحو «يوم ، ومكان» فيستعمل (٢) ظرفا نحو «خرجت يوم الجمعة» ، «وجلست مكانك» ، وغير ظرف نحو «أعجبني يوم الجمعة ، ونظرت إلى مكانك».
وأمّا ما يلزم الظّرفية ولا يخرج عنها البتّة ، نحو «سحر» من يوم بعينه و «قط» (٣) ، أو لا يخرج عنها إلّا إلى شبهها ـ (والمراد بشبهها) (٤) : الجرّ بـ «من» نحو «عند» (٥) ـ ، فإنّه لا يستعمل إلّا ظرفا نحو «جلست عندك» ، أو مجرورا بـ «من» نحو «خرجت من عندك» فإنّه يسمّى في الاصطلاح غير متصرّف.
__________________
«رمى». وقال السيوطي في البهجة (٨٢) : كـ «مرمى» من رمى «أي : مادته». وانظر شرح دحلان : ٨٣ ، شرح الأشموني ٢ / ١٢٩.
(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ١٥٦.
(٢) في الأصل : يستعمل. انظر شرح المكودي : ١ / ١٥٦.
(٣) في الأصل : فقط. انظر شرح المكودي : ١ / ١٥٦.
(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ١٥٦.
(٥) في الأصل : بيت عند. انظر شرح المكودي : ١ / ١٥٦.