وردّ : بأنّ الواو لو كانت عاملة لاتّصل بها ، إذا كان ضميرا ، كما في سائر الحروف النّاصبة (١).
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وبعد ما استفهام أو كيف نصب |
|
بفعل كون مضمر بعض العرب |
يعني : أنّه يجوز نصب ما بعد الواو إذا تقدّمها «كيف» ، أو «ما» الاستفهاميّة على تقدير (٢) «تكون» ، نحو «كيف أنت وقصعة من ثريد» ، و «ما أنت وزيدا» ، التّقدير : كيف تكون وقصعة ، وما تكون وزيدا (٣) ، و «كان» المقدّرة ناقصة ، و «كيف» و «ما» خبر مقدّم.
وفهم من قوله : «بعض العرب» أنّ بعضهم لا ينصب بعد هذه الواو ، بل يرفع عطفا على ما قبلها ، وهو أفصح اللّغتين لعدم الحذف (٤).
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
والعطف إن يمكن بلا ضعف أحق |
|
والنّصب مختار لدى ضعف النّسق |
والنّصب إن لم يجز العطف يجب |
|
أو اعتقد إضمار عامل تصب |
الاسم الصّالح لكونه مفعولا معه على ثلاثة أقسام : قسم يترجّح عطفه على النّصب على المعيّة ، وقسم يترجّح نصبه على المعيّة على العطف ، وقسم يمتنع فيه العطف.
وقد أشار إلى القسم الأوّل بقوله :
__________________
الأول : بالواو ، بمعنى : مع ، نحو قولك : «استوى الماء والخشبة ، وجاء البرد والطيالسة ، ولو تركت الناقة وفصيلها لرضعها ، وكنت وزيدا كالأخوين» ، ولا تنصب الواو بمعنى : «مع» إلا وقبلها فعل نحو «استوى» من قولك : «استوى الماء والخشبة» ، انتهى.
وانظر الهمع : ٣ / ٢٣٨ ، شرح المرادي : ٢ / ٩٨ ، شرح الرضي : ١ / ١٩٥ ، شرح الأشموني : ٢ / ١٣٥ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٣٤٤ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٧٠٨ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٢٨٦.
(١) وبأنه لا نظير لها ، إذ لا يعمل الحرف نصبا إلا وهو مشبه الفعل. انظر الهمع : ٣ / ٢٣٨ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٣٤٤ ، شرح الرضي : ١ / ١٩٥ ، شرح الأشموني : ٢ / ١٣٥.
(٢) في الأصل : تقديره. انظر شرح المكودي : ١ / ١٥٨.
(٣) في الأصل : الواو ساقط. انظر شرح المكودي : ١ / ١٥٨.
(٤) انظر شرح المكودي : ١ / ١٥٨ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٣٤٣ ، المطالع السعيدة : ٣٣٦ ، شرح الأشموني : ٢ / ١٣٨ ، شرح الرضي : ١ / ١٩٧ ، شرح دحلان : ٨٤. ومنع بعض المتأخرين ـ كابن الحاجب ـ النصب في هذا ، ورد بالسماع ، كقوله :
فما أنت والسّير في متلف
ونحو «ما أنت وزيدا ، وكيف أنت وزيدا ، وكيف أنت وقصعة من ثريد».
انظر الهمع : ٣ / ٢٤٢ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٧٠٦ ، شرح الكافية للرضي : ١ / ١٩٦ ـ ١٩٧.