يعني : أنّ الحال تجيء مؤكّدة للجملة ، ويجب أن يكون عاملها مضمرا ، وأن تكون واجبة التّأخير ، مثال ذلك : «زيد أبوك عطوفا» ، فالعامل فيها واجب الحذف (١) ، تقديره إن كان المبتدأ غير «أنا» : أحقّه (٢) وأعرّفه ، وإن كان «أنا» حقّني واعرفني ، وإنّما لم يصحّ تقديره : أعرّف أو أحقّ ، مع كون المبتدأ «أنا» (٣) لما يؤدّي (إليه) (٤) من تعدّي فعل الضّمير المتّصل إلى مضمره المتّصل ، لأنّ التّقدير : أعرّفني : فيكون الفاعل والمفعول شيئا واحدا ، مع كونهما ضميرين متّصلين (٥). وإنّما وجب تأخير الحال ، لأنّها مؤكّدة للجملة ، والمؤكّد بعد المؤكّد.
ويشترط في الجملة المؤكّدة (٦) بها (٧) أن تكون اسميّة ، وأن يكون جزآها معرفتين ، وأن يكونا جامدين.
وفهم كونها اسمية : من قوله : «جملة» بعد ذكر المؤكّدة لعاملها ، والمؤكّدة لعاملها فعلية ، وهذه قسيمتها ، فوجب أن تكون اسميّة.
وفهم كون جزأيها معرفتين : من تسميتها مؤكّدة ، لأنّه لا يؤكّد إلّا ما قد عرّف.
وفهم اشتراط كون جزأيها جامدين : من قوله : «وإن تؤكّد جملة» لأنّه لو كان أحد جزأيها مشتقا ، لكانت مؤكّدة لعاملها ، فيكون من القسم الأوّل.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وموضع الحال تجيء جملة |
|
كجاء زيد وهو ناو رحله / |
اعلم أنّ الحال على قسمين : مفرد ، وهو الأصل ـ وقد تقدّم ـ ، وجملة ،
__________________
(١) وقال الزجاج : الخبر مؤول بمسمى ، فيعمل في الحال ، وقال ابن خروف : ضمن المبتدأ تنبيها فهو العامل.
انظر ارتشاف الضرب : ٢ / ٣٦٣ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٣٨٨ ، شرح الرضي : ٢ / ٢١٥ ، الهمع : ٤ / ٤٠ ، شرح المرادي : ٢ / ١٦٣.
(٢) أحقه : بفتح فضم من حققت الأمر بالتخفيف أي : تحققته ، أو بضم فكسر من أحققته بمعنى : أثبته. انظر حاشية الخضري : ١ / ٢٢٠ ، حاشية الصبان : ١ / ١٨٥.
(٣) في الأصل : غير أنا. انظر شرح المكودي : ١ / ١٧٤.
(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ١٧٤.
(٥) انظر شرح المكودي : ١ / ١٧٤ ، وقال أبو حيان في الارتشاف : «والعامل في هذه الحال قدره سيبويه في قولك : «هو زيد معروفا» : انتبه ، وألزمه معروفا ، وقدره غيره إن كان المخبر عنه غير «أنا» تقول : أحقه أو أعرفه ، وإن كان «أنا» قدر : أحق أو أعرف أو أعرفني». انتهى.
انظر ارتشاف الضرب : ٢ / ٣٦٣ ، الكتاب : ١ / ٢٥٦ ـ ٢٥٧.
(٦) في الأصل : المؤكد. انظر شرح المكودي : ١ / ١٧٤.
(٧) أي : بالحال.