أحدهما : بدل الإضراب ، وهو ما كان كلّ منهما مقصودا للمتكلّم ، إلا أنّه أضرب عن الأوّل ، ويسمّى : بدل البداء.
الثّاني : بدل الغلط ، وهو ما لم يكن الأوّل فيه مقصودا للمتكلّم ، ولكن سبق اللّسان إليه.
وتمثيل النّاظم بقوله : «وخذ نبلا مدى» ، يحتملهما باعتبار تقدير القصد وغيره.
ثمّ بدل الغلط :
بعضهم يطلق عليه : بدل النّسيان (١).
وبعضهم يفرّق بينهما (٢) ، فيجعل بدل النّسيان قسما سادسا ، ويفرّق بينه وبين الغلط : (بأنّ الغلط) (٣) ما سبق إليه اللّسان ولم يقصد ، والنّسيان ما قصد ذكره إلّا أنه تبيّن له بعد ذلك فساد ذكره ، فالنّسيان متعلّق بالقلب ، والغلط باللّسان.
لكن إذا سلّم هذا عسر الفرق بين بدل النّسيان وبدل الإضراب.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
ومن ضمير الحاضر الظّاهر لا |
|
تبدله إلّا ما إحاطة جلا |
أو اقتضى بعضا أو اشتمالا |
|
كأنّك ابتهاجك استمالا |
قد سبق من التّمثيل ما عرف به جواز إبدال الظّاهر من الظّاهر ولم يسمع إبدال المضمر من الظّاهر (٤) ، وفي إبدال المضمر من المضمر خلاف بين البصريين والكوفيين في «رأيتك إيّاك».
__________________
(١) قال ابن هشام : «والناظم وكثير من النحويين لم يفرقوا بينهما ، فسموا النوعين بدل غلط».
انظر أوضح المسالك : ١٩٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٥٩ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٢٦ ، التسهيل : ١٧٢ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٦٩.
(٢) كالمبرد وابن عصفور وابن هشام ، قال ابن عصفور : والاثنان الجائزان قياسا ولم يرد بهما السماع : بدل الغلط : وهو أن تبدل لفظا من لفظ بشرط أن يكون ذكرك للأول على جهة الغلط. وبدل النسيان : أن تبدل من لفظ بشرط أن يكون ذكر الأول على جهة النسيان.
انظر شرح ابن عصفور : ١ / ٢٨٢ ـ ٢٨٣ ، المقتضب : ٤ / ٢٩٧ ، أوضح المسالك : ١٩٦ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٥٣ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٥٩ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٢٦.
(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل.
(٤) قال ابن مالك : «والصحيح عندي أن يكون نحو «رأيت زيدا إياه» من وضع النحويين ، وليس بمسموع من كلام العرب لا نثرا ولا شعرا ، ولو سمع كان توكيدا». وقال السيوطي : «وأجازه الأصحاب نحو «رأيت زيدا إياه».